حقائق علمية عن الشوكولاتة: لماذا تشعرنا بالسعادة؟
نحن نأكل الشوكولاتة عند الاحتفال أو حينما نشعر بالحزن. نحن نعطي من يهمنا أمرهم الشوكولاتة لنخبرهم بأننا نحبهم، أو أحياناً، لنخبرهم بأسفنا. ولكن، يعتبر الأمر المثير للغرابة أن البعض يستحمون بها.
تعتبر الشوكولاتة من أكثر الأطعمة التي تشتهي إليها النفس حول العالم، فقد استمتع الناس بتناول هذه المتعة الحلوة واللذيذة لأكثر من 4000 عام.
كان هنود المايا بأمريكا الجنوبية هم أول الشعوب التي استمتعت بتناول الشوكولاتة. فقد كان هنود المايا يقومون بسحق الحبوب أو البذور التي يحصلون عليها من شجرة الكاكاو وذلك لصناعة مشروب مر يسمى "زوكلاتل"، حيث استُخدم كمشروب منبه أو منشط وأثناء الاحتفالات الدينية. كانت الشوكولاتة في نظر هنود المايا هي طعام الآلهة. وقد أُضيف السكر والبهارات إلى مشروب الشوكولاتة للمرة الأولى حينما أحضرها الأسبان معهم من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا في القرن السادس عشر. وسرعان ما انتشر ولع الأوروبيين بالشوكولاتة حتى قام الإخوة كادبري بصناعة أول لوح من الشوكولاتة في عام 1849.
يوضح أدهم رمضان، أستاذ بقسم الكيمياء وعميد شئون الدراسات العليا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، في المحاضرة التي ألقاها بالجامعة بعنوان "الشوكولاتة: تأثيرها على النفس"، والتي جاءت في إطار سلسلة محاضرات تقيمها كلية التعليم المستمر حول تطوير الذات من خلال التعلم مدى الحياة، "تعتبر الشوكولاتة من الأطعمة التي يستمتع بها الناس كثيراً. فمن المثير للاهتمام أن نحاول فهم مما تكون الشوكولاتة، ولماذا نستمتع بتناولها، ولماذا تشعرنا بالسعادة؟"
تكمن الإجابة على هذه التساؤلات في المزج بين الشعور والعلوم.
بينما تمتليء الحلوى الآن بالسكريات والدهون التي قد تؤثر بالسلب على الصحة، فإن الشوكولاتة تحتوي أيضاً على مكونات قد يكون لها آثار إيجابية على النفس والشعور. يعد من أمثلة هذه المكونات التريبتوفان الذي يقوم بإنتاج السيروتونين الذي يوحي لنا الشعور بالسعادة. ونجد أيضاً الفينيليثلامين، الذي يعد نوع من الأمفيتامين أو المنبه "الذي يمنحنا الشعور بالرضا، ويحاكي تأثير الوقوع في الحب"، وفقاً لرمضان.
أما الثيوبرومين، فهي المادة المنبهة والمسئولة عن الشعور "المحفز" الذي ينتابنا بعد تناول الشوكولاتة. يصف رمضان ذلك وكأنه "محفز للطاقة أو محفز لتوقد الذهن، وهي الحالة التي تستمر لبعض الوقت."
يذكر رمضان إن أردت أن يتوافر لديك عذر أخر لتدليل نفسك، فإن الشوكولاتة الداكنة تحتوي على مضادات للأكسدة، والتي تساعد على تأخير الشيخوخة، والحفاظ على مستوى ضغط الدم، وقد تساهم أيضاً في منع الإصابة بمرض السرطان.
للأسف، قد تفوق كميات السكر والدهون المتواجدة في الشوكولاتة بعض الفوائد الصحية لها. ولكن، علينا ألا ننزعج من ذلك لأن ليس على الجميع التوقف عن أكل الشوكولاتة بعد تناول كرة واحدة فقط منها. يقول رمضان "أن الشوكولاتة قد يكون لها تأثير كالإدمان وذلك بسبب كميات السكر الموجودة بها."
وفقاً للمنظور العلمي، يحدد رمضان أربعة عناصر رئيسية للتجربة الغنية التي تتمثل في أكل الشوكولاتة وهم: درجة الانصهار، والنكهة، والقوام، والانسيابية. يذكر رمضان أن بذور الكاكاو المحمصة، والدهون والسكر هم المكونات الرئيسية للشوكولاتة الداكنة، ويتم إضافة بروتينات الحليب أيضاً. إن جودة وكمية هذه المكونات الرئيسية هي التي تجعل نكهة الشوكولاتة فريدة وغنية، وهي التي تؤثر علينا فور قضمها.
تساعد جزيئات الدهون في ضبط درجة الانصهار. وبالتالي، لا تذوب الشوكولاتة في الغلاف، ولكنها تصبح لينة فور وضعها داخل فمنا. يقول رمضان "حينما نضع الشوكولاتة داخل فمنا عند درجة حرارة 37 مئوية، فيجب أن تذوب. ولكن، إن بقيت الشوكولاتة كلوح صلب، فإن براعم التذوق لدينا لن تتمكن من تمييز المكونات المختلفة وهذا هو ما يثير حاسة التذوق. نحن نتذوق سطح الشوكولاتة فقط."
تتحدد نكهة الشوكولاتة حسب النسب المستخدمة من المكونات، حيث تتوازن حمضية بذور الكاكاو بواسطة إضافة بروتينات الحليب، أما السكر، فهو يضيف المذاق الحلو ويوازن بعض المرارة والحمضية التي تتصف بها الشوكولاتة الخام. ومع ذلك، يوضح رمضان أن السكر يعتبر أكثر من مجرد إضافة حلوة، قائلاً "حينما تقوم بإضافة السكر إلى أي مكون، سيقوم بامتصاص النكهة، حيث يحتفظ بها ويحافظ على النكهات المختلفة التي تضاف للشوكولاتة." ويضيف رمضان أن هذه النكهات تتطاير داخل الفم ثم تنتقل إلى الأنف، "وبالتالي، تحصل على شوكولاتة طيبة الأريج لتزيد من متعة أكلها."
يتأثر القوام الناعم والقشدي للشوكولاتة بالدهون التي تضاف إليها. يقول رمضان "أن جزيئات الدهون تحيط كل من جزيئات الشوكولاتة والسكر، فهذه الطبقة الدهنية هي التي تضفي النعومة على قوام الشوكولاتة. ويعتبر القوام هنا ذو أهمية قصوى، لأنه إن كان حُبيبي، فلن يكون منساباً."
تعتبر انسيابية القوام من العناصر المهمة للغاية للاستمتاع بالشوكولاتة. حينما تبدأ الشوكولاتة بالذوبان، فإنها تتحرك داخل فمنا بأكمله. يقول رمضان "لابد وأن يكون القوام انسيابياً لإثارة جميع براعم التذوق الموجودة لدينا في مختلف أجزاء فمنا، والتي تتمكن من تمييز المكونات المختلفة والموجودة داخل الشوكولاتة وإثارة حاستي التذوق والشم لدينا."
وبالرغم من أن حوالي 75% - 85% من الشوكولاتة يتكون من السكريات والدهون، فإن الشوكولاتة الجيدة تكون أكثر تعقيداً عن كونها مجرد "حلوى". يقول رمضان "إن أول رد فعل لنا فور تناول الشوكولاتة هو تذوق الطعم المُحلى، وإن كان هناك أي ملوحة في الطعم، فإن هذا هو ما نشعر به بعد ذلك. ثم يلي ذلك، شعورنا بطعم الحمضية والمرارة، وهذا هو المذاق الذي يبقى بالفم بعد ابتلاع الشوكولاتة."
لا يمكن إنكار أن الشوكولاتة هي أول طعام يهرع إليه غالبية الناس حينما يشعرون بالحزن. فمن السهل أن نفهم لماذا نريد معرفة كيف تؤثر الشوكولاتة علينا وما هي الحقيقة العلمية وراء ذلك. ومع ذلك، فإن الاعتقاد الراسخ لدينا بأن الشوكولاتة لديها قوة سحرية لإراحتنا يلعب دوراً هنا أيضاً. يوضح رمضان "في بعض الأحيان، تشعرنا الشوكولاتة بأن حالتنا الجسدية على ما يرام. ولكن، أحياناً قد يكون هذا الشعور نفسياً لأننا نصدق أن الشوكولاتة تحسن من حالتنا."
ويذكر رمضان مازحاً أنه ربما بدلاً من البحث عن الحب، يمكننا تناول الكثير من الشوكولاتة.