معالجة وسائل الإعلام والسينما لقضية التحرش في ثاني جلسات سلسلة حوارات "لازم نتكلم" بالجامعة الأمريكية بالقاهرة
أقامت الجامعة الأمريكية بالقاهرة أمس ثاني جلساتها لسلسلة حوارات "لازم نتكلم" والتي تضمنت مناظرة واستطلاعاً مباشراً حول ما إذا كانت معالجة وسائل الإعلام والأفلام للنوع الاجتماعي قد أضر بالمرأة في مجتمعنا. تحت عنوان "تناول وسائل الإعلام والسينما للتحرش: هل يعكس الواقع أم يتسبب فيه؟" شارك في الفاعلية تامر حبيب، الكاتب والسيناريست والممثل، وأحمد داش، الممثل والطالب بالسنة الثالثة بقسم الاتصالات التسويقية المتكاملة بالجامعة، وأمل فهمي، مديرة مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي والحاصلة على الماجستير من الجامعة عام 2010، ومرفت أبو عوف، الأستاذ الممارس بقسم الصحافة والإعلام بالجامعة وخريجة الجامعة عامي 1988 و2002. أدار الحوار المذيع والممثل مراد مكرم وأدار المناظرة الطلابية يوسف هاشم الطالب بالسنة الثالثة بقسم الاقتصاد بالجامعة ورئيس النادي الطلابي للمناظرات بالجامعة.
ركز المتحدثون على دور السينما وتأثيرها على المجتمع، حيث قالت أمل فهمي أن السينما منتج ثقافي قادر على النفاذ للمجتمع المصري، وخاصة أن نسبة الأمية تصل إلى نحو 25٪ بين السكان. استعانت أمل بإحصائيات عن حجم مشكلة التحرش في المجتمع، حيث قالت "أكثر من 90٪ من الإناث تعرضن للتحرش وواحدة من كل 3 سيدات تتعرض لعنف زوجي. ومن خلال دراسة محتوى دراما مسلسلات رمضان لعام 2018 و2019، وجدنا أن 24٪ من المسلسلات تناولت مشكلة العنف ضد المرأة و10٪ من المسلسلات تناولت التحرش، و3٪ من الدراما تناولت العنف المؤسسي." كما قالت إن السينما رصدت العنف بشكل كبير، "ولكن المشكلة تكمن في السياق الذي يتم عرض العنف من خلاله، وأنه لا يوجد مسلسل أو فيلم يتناول عقاب المتحرش رغم الخطاب المؤسسي والقانون الموجود بالفعل."
وقالت فهمي أنها لا تطالب صناع السينما بعدم تناول الواقع في أفلامهم، بل بوضع إطار ينبذ العنف والاعتداء ضد المرأة، "يوجد قبول بشكل كبير للتحرش في الشارع وذلك لأن السينما تظهر التحرش بشكل جذاب. وبالفعل تعكس السينما العنف ضد المرأة كما هو موجود في المجتمع ولكن يؤدي ذلك أيضاً إلى تقبل العنف لأنه لا يظهره بشكل منبوذ."
وأشار حبيب إلى الدور الذي تلعبه السينما في تشكيل عقول الأطفال، ودورها في تناول موضوعات التحرش والعنف ضد المرأة. قال حبيب إن أحد المشاكل هي عرض التحرش بشكل هزلي وهو ما يشاهده الكثير من الأطفال في الأفلام، "يوجد مخزون كبير من التحرش في الأفلام في تاريخ السينما وهو أخطر بكثير لأنه يتم بشكل غير مباشر ويصبح بمثابة "وضع السم في العسل"، ولكن الأهم هو الانتباه لظاهرة التحرش ومعالجتها." وأشار حبيب إلي ضرورة تكاتف الجميع، من خلال المدارس، والجامعات والمؤسسات، "لا يمكننا إصلاح كل شيء فوراً، ولكن علينا البدء ومواصلة مواجهة التحرش والعنف ضد المرأة."
وقالت مرفت أبو عوف، "إنه من الظلم خلط دور الإعلام والسينما/الدراما سوياً عند مناقشة دورهما في التحرش، وخاصة أن للدراما دوراً أقوى لتغلغلها داخل كل البيوت. وبشكل عام، للثقافة تأثير قوي على المتلقي، ولكن الأهم هو كيفية طرح تلك الموضوعات بقدر من التوعية والإشارة إلى التحرش بأنه تصرف مخجل للمتحرش وله عقوبات في القانون."
وأشارت أبو عوف، إلى أنه بالرغم من الإنجازات والقانون والإرادة السياسية الموجودة لمواجهة التحرش إلا أن المجتمع لا زال مجتمعاً ذكورياً، "للأسف تغيير الثقافة يستغرق وقتاً طويلاً، والتحرش أصبح مقبولاً وللأسف أيضاً تعكسه الدراما."
وأكد أحمد داش أن الحديث عن التحرش ليس كافياً، بل لابد من العودة لأصل المشكلة في الثقافة والتعليم ومعالجتها، "لابد أن نعيد النظر في تعليمنا وثقافتنا. أحيانا يتحرش الأطفال بالبنات والسيدات، لابد أن نفهم متى أصبح ذلك مقبولاً وكيف يري الأطفال التحرش؟ وكيف تغلغل التحرش لثقافة المجتمع؟"
قال داش إن تناول السينما والدراما يعكس ويؤدي للتحرش ولكن السينما تعكس الواقع لأن التحرش موجود ومنتشر بالفعل في الشارع، "هذه مشكلة متأصلة في الثقافة وحملات منصات التواصل الاجتماعي لا تكفي ولابد من تكاتف الجميع من المدرسة إلى الأهل لمواجهتها عن طريق التوعية المستمرة."
وعرضت المناقشة نتائج الاستطلاع المباشر الذي شارك فيه المتابعون للقاء عبر الإنترنت حول ما إذا كان معالجة وسائل الإعلام والأفلام للنوع الاجتماعي قد أضر بالمرأة في مجتمعنا، حيث كشف أن نحو 60 ٪ من المتابعين للمناقشة يعتقدون أن تناول وسائل الإعلام والسينما يسبب التحرش ضد المرأة، بينما رأى 40٪ أنه يعكس الواقع.
جدير بالذكر أن الجامعة الأمريكية بالقاهرة أطلقت سلسلة حوارات "لازم نتكلم" في نوفمبر 2020 انطلاقاً من حرصها على لعب دور محوري في زيادة الوعي بقضية التحرش الجنسي كقضية اجتماعية هامة ولدعم الجهود الوطنية والدولية المتعلقة بهذه القضية خاصة في الجامعات. تستمر سلسلة حوارات "لازم نتكلم" حتى شهر يونيو 2021 وتتناول العديد من القضايا الهامة الخاصة بالتحرش منها تحقيق الأمان للمرأة في الأماكن العامة، والخصوصية في عالم الانترنت، ومواجهة التحرش بكفاءة في الجامعات، وتحقيق الأمان والشمولية والتنوع في أماكن العمل والإطار القانوني والتشريعات لمواجهة العنف ضد المرأة.