إطلاق نتائج دراسة مركز دراسات البحوث الاجتماعية عن التحرش
أظهرت دراسة مركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، تم إجرائها في ثلاثة أحياء في مصر، أن 80% على الأقل من النساء قد أبلغن عن حوادث تحرش لفظي، والتي تتضمن الغمز، والصفير، والتلفظ بتعليقات غير لائقة، داخل وخارج المناطق التي يقطنَ بها. إلا أن الغالبية العظمى من النساء لم يبلغن عن هذه الحوادث لأنها "أمور لا تستحق العناء" وفقاً لهن. جاءت هذه النتائج ضمن دراسة أجراها المركز والتي شملت إجراء مقابلات مع ذكور وإناث (متزوجين وغير متزوجين) في أكثر من 3000 منزل بثلاثة مناطق حضرية في مصر، وهي الهجانة، ومنشية ناصر، وإمبابة. ووفقاً لنتائج الدراسة، قام مركز البحوث الاجتماعية، بالتنسيق مع مبادرة الأمم المتحدة لبناء مدن آمنة للنساء UN Women Safe Cities Global Initiative، بدعوة قاطني هذه المناطق للمشاركة في أنشطة تدريبية لزيادة وعيهم ببعض القضايا الاجتماعية الهامة. ومن المقرر إجراء مسح آخر في يناير 2015 لمتابعة وتقييم التقدم الذي ستحققه هذه المبادرة.
تقول ميريل عزيز، باحثة بمركز البحوث الاجتماعية "وُجهت هذه الأنشطة التدريبية، التي تضمنت إجراء مناقشات ومقابلات جماعية في الأساس، إلى الأطفال، والشباب، والنساء، وكبار السن، والشيوخ، والقيادة المجتمعية، وذلك لتثقيفهم حول القضايا الحيوية التي تمس حياتهم اليومية، مثل التحرش، وتربية الأطفال، وإساءة معاملة الأطفال، والانتهاك الجنسي." تعتقد عزيز أن الأمر برمته يتعلق بتغيير طريقة التفكير، "إن تغيرت طريقة التفكير تجاه أمر ما، يمكن أن تتغير التصرفات تباعاً."
أظهرت الدراسة أيضاً أن الذكور والإناث يرجعون الأسباب الرئيسية لوجود ظاهرة التحرش للبطالة، وقلة الوعي الديني، والانحدار الأخلاقي، يلي ذلك هيئة النساء والملابس التي يرتدونها، بالإضافة إلى طريقة سيرهن بالشارع. تقول عزيز "تعتقد النساء أنهن قد يكن هن أنفسهن السبب وراء تحرش الرجال بهن، وخاصة في الشارع."
وبالإضافة إلى عوامل البطالة وقلة الوعي الديني والانحدار الأخلاقي، فقد رأى آخرين، وخاصة الرجال، أن التحرش قد يعود إلى مشاهدة محتوى القنوات الفضائية، وغياب الشرطة المنوطة بالتعامل مع هذه الحوادث، والصعوبات التي يواجهها الشباب الراغب في الزواج. ويتفق الرجال والنساء على حد سواء أن تزايد تواجد الشرطة، وزيادة الوعي الديني، والتأكيد على أهمية الأخلاقيات وآداب السلوك، وارتداء النساء للملابس المحتشمة، ومراعاة طريقة سيرهن وحديثهن بالشارع من أفضل الطرق لمنع التعرض لحوادث التحرش. هذا، وقد رأى البعض الآخر أن اللجان الشعبية قد تكون من الوسائل الفعالة لمنع هذه الحوادث أيضاً.
تقول عزيز "إن الأمر المثير للاهتمام هنا هو النظرة لدور المرأة عند اقتراح إقامة لجان بالأحياء لمواجهة مشكلة التحرش، حيث أظهرت الدراسة أن دور المرأة ثانوي أو قد لا يكون لها أي دور على الإطلاق في هذه اللجان."
يشعر معظم المشاركين في الدراسة، من رجال ونساء، أن تواجد هذه اللجان قد يزيد من الشعور بالأمان داخل الأحياء التي يقطنون بها. ومع ذلك، تعتقد معظم النساء أنه يجب ألا يخبرن أعضاء اللجان بحوادث التحرش بهن بسبب "أن المرأة يجب ألا تخبر الغرباء" بذلك. ويعتقد حوالي 90% من الرجال أن النساء يجب ألا يشتركن في هذه اللجان الشعبية لأنهن "لن يتمكن من القيام بأي شيء" في هذا الشأن. تقول عزيز "يعتقد النساء أنفسهن أن النساء لن يكون لهن دوراً فعالاً في هذه اللجان، حتى أن بعضهن يعتقد أن مشاركة النساء في هذه اللجان هو "أمر مخزي"، بينما تشعر أخريات بأن أعضاء اللجان الشعبية لن يتقبلوا فكرة توفير الحماية من قبل امرأة."
ومن أجل اتخاذ موقف إيجابي وفعال لتغيير هذه الوصمات الاجتماعية، يتعاون مركز البحوث الاجتماعية مع المنظمات غير الحكومية المحلية وذلك لتثقيف أفراد وقادة المجتمع فيما يتعلق بذلك. تقول عزيز "قامت كل منظمة غير حكومية بالتطرق إلى موضوع محدد، من الاحتياجات العاطفية وارتباطها بالعنف إلى الاعتداء الجنسي على الأطفال،" وتضيف أن التدريب تضمن تنفيذ برنامج إعادة تأهيل لمدة ستة أشهر لمدمني المخدرات وأسرهم.
تقول عزيز "رأينا بالفعل بعض التحسن في حياة النساء المقيمات في المجتمعات محل الدراسة. فمن خلال استخدام وسائل غير عنيفة لإحداث تغييرات، نأمل أن نصبح مثالاً يُحتذى به في القيام بإحداث تحولات إيجابية في مصر في هذا المجال."