ترامب أم كلينتون: من سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية؟
يعد دونالد ترامب وهيلاري كلينتون هما المرشحين الرئاسيين الرئيسيين عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي الذين وصلا لمقدمة السباق إلى البيت الأبيض 2016. تحلل منار شوربجي، أستاذ منتسب بقسم العلوم السياسية والمدير المؤسس لمركز الأمير الوليد بن طلال للدراسات والأبحاث الأمريكية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، استناداً على نتائج يوم الثلاثاء الكبير، آخر تطورات الانتخابات التمهيدية في السباق الرئاسي بالولايات المتحدة الأمريكية.
1) هل نتوقع وصول ترامب وكلينتون إلى نهائيات السباق إلى البيت الأبيض في 2016؟
نحن نرجح وصولهما إلى نهائيات السباق الرئاسي، ومع خروج كل من تيد كروز وجون كاسيك من سباق المرشحين عن الحزب الجمهوري، ففقد أصبح ترامب هو المرشح المفترض عن الحزب.
أما فيما يتعلق بالانتخابات التمهيدية الخاصة بالحزب الديمقراطي، فلا يزال بيرني ساندرز في السباق وربما يحصد المزيد من أصوات المندوبين عن الولايات. ومع ذلك، هناك ما يسمون بالمندوبين الكبار، وهم الأغلبية الداعمة والمحتشدة بالفعل خلف كلينتون.
استحدث الحزب الديمقراطي مصطلح المندوبين الكبار في عام 1980 لضمان اتخاذ قرار الترشيح بشكل أكثر نجاحاً تحقيقاً لإرادة الشعب إذا ما كان الفائز في الانتخابات التمهيدية شخصاً لا يحبذه قادة الحزب. ويضم المندوبون الكبار، الذين تبلغ نسبتهم حوالي 20% من إجمالي عدد المندوبين المصوتين في المؤتمر العام للحزب، أصحاب المناصب الرفيعة والمسئولين المنتخبين والأعضاء المعينين باللجنة الوطنية للحزب. فلا يتم انتخاب المندوبين الكبار بشكل مباشر مثل المندوبين الآخرين، ويمكنهم التصويت لمن يريدون حتى وإن وصل الحد إلى عدم منح أصواتهم للمرشح الفائز في الانتخابات التمهيدية.
ولكن لا يمكننا القول بأن ساندرز هو الذي سيفوز بالانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي. فالفائز سيكون كلينتون ولكن بفارق كان سيجعل من ساندرز منافساً هائلاً في هذه المرحلة لو لم يكن الأمر متوقفاً على المندوبين الكبار. فقد احتشد أكثر من 500 من المندوبين الكبار خلف كلينتون مقابل 40 فقط لصالح ساندرز.
2) أوضحت استطلاعات للرأي مؤخراً تقدم كلينتون على ترامب برقم ثنائي. هل تشير هذه الاستطلاعات إلى من سيكون الرئيس الأمريكي القادم أم هل التكهن بذلك أمر سابق لأوانه؟
إن التكهن بذلك يعتبر أمر سابق للأوان بالفعل لعدة أسباب، آخرها أن خمسة أشهر تعتبر فترة طويلة في الحملات الانتخابية الرئاسية. ولكن هناك ثلاثة أسباب أخرى أكثر أهمية.
أولاً: يعكف بعض الجمهوريين ذوي النفوذ على إيجاد مرشح جمهوري محافظ ليكون منافساً مستقلاً أمام كل من ترامب وكلينتون. وبينما يعتبر القيام بذلك بمثابة المهمة الصعبة، وخاصة في ظل التنوع الكبير في المتطلبات الخاصة بالانتخاب لكل من الخمسين ولاية على حدة، إلا أنه إذا حدث ذلك بالفعل، سيقلب الموازين مغيراً مجرى اللعبة.
ثانياً: حتى إن تعذر حدوث ذلك، فإن نظام المجمع الانتخابي، حيث يحصل الفائز على كل شيء، يستند على نظام أكثرية الأصوات إذ تقوم كل ولاية على حدة باختيار مرشح واحد. فيكون لكل ولاية من الولايات الخمسين عدد من الأصوات مساوي لعدد ممثليها في مجلسي الشيوخ والنواب في الكونجرس الأمريكي. وأياً من كان الشخص الذي يحصل على أكثرية الأصوات داخل ولاية ما، فإنه يحصل أيضاً على جميع أصوات المجمع الانتخابي الخاص بها، باستثناء ولايتي ماين ونبراسكا، حيث يوزعن الأصوات الانتخابية بشكل متناسب.
ثالثاً: يعتمد الأمر على التحالف الفائز الخاص بكل مرشح أو المجموعات التي يتودد إليها المرشح من أجل الفوز بالانتخابات. فقد قام ترامب بإثارة غضب الأمريكيين من أصول أفريقية ولاتينية، والسيدات، وسيحتاج إلى ما هو أكثر من أغلبية أصوات الناخبين البيض من الذكور للفوز، ويمكنك الرجوع إلى ميت رومني مرشح الحزب للرئاسة في عام 2012 في هذا الشأن.
ولكن تبدو كلينتون في وضع أفضل، فقد حصدت أصوات العمال البيض في بعض الولايات، ولها شعبية في صفوف المرأة، والأمريكيين من أصول أفريقية ولاتينية. إلا أن كلينتون لم تتمكن من إحراز تقدم مع الشباب الأمريكي، سواءً كانوا من البيض وغير البيض، أو من الرجال والنساء. فلا تكمن المشكلة أو الحقيقة الواضحة التي يتم تجاهلها وعدم التطرق إليها في قيام الديمقراطيين بالتصويت لترامب، وإنما تكمن في بقائهم بالمنزل وعدم النزول للتصويت في يوم الانتخابات الرئاسية النهائية.
3) ماذا نعرف عن آراء كل من ترامب وكلينتون فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية؟
أعتقد أنه لا يمكن أخذ أي من التصريحات التي أدلت بها كلينتون أو ترامب حول السياسة الخارجية الأمريكية مأخذ الجد. تعتبر المواقف التي يتبناها ترامب حول السياسة الخارجية الأمريكية أقل أهمية عن النزعة الفاشية التي يتحدث بها لأنه يفترض أن تختار الولايات المتحدة الأمريكية رئيس لها، وليس مجرد شخص يعتقد أنه الشخص الأذكى أو الأفضل أو الأكثر تأثيراً. إن تعصب ترامب وغطرسته سيكون لهما آثارهما على السياستين الداخلية والخارجية للبلاد.
أما عند الحديث عن كلينتون، فإن المواقف التي تتبناها تتغير بشكل مستمر. إذ تختلف مواقفها في هذه الحملة الانتخابية عن تلك التي تبنتها أثناء حملتها في عام 2008 وأثناء اشتغالها في منصب وزيرة الخارجية الأمريكية. فعلى سبيل المثال، إذا أمعنا النظر في مواقفها تجاه إسرائيل، سنجد أن تصريحاتها كوزيرة الخارجية تختلف تماماً عن التصريحات التي أدلت بها أثناء مناظرتها مع ساندرز وفي خطابها أمام لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك). تُرى ما هي المواقف التي ستتبناها كلينتون إذا ما أصبحت رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية؟
4) كيف ستؤثر علاقة ترامب وكلينتون بأعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي على آرائهما حول السياسة الخارجية الأمريكية؟
آمل أن يكون لحملة ساندرز الانتخابية أثراً على مواقف كلينتون فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لتصبح أكثر إنسانية وأقل ميلاً لاستخدام القوة العسكرية، لكنني أشك في حدوث ذلك. فقد أوضحت كلينتون أنها تختلف عن أوباما، الذي يعد وسطي، وأنها ستكون أكثر تشدداً في السياسة الخارجية.
لقد ساهم ترامب في حدوث انقسام بين صفوف الحزب الجمهوري، وقد يكون ذلك القشة التي قصمت ظهر البعير والتي قد تؤدي إلى تلاشي الحزب. لا يعني ترامب أن يبدأ في الاستماع لما يقوله الحزب الآن. فقد ظل أعضاء الحزب صامتون لوقت طويل، ولم يبدوا أية اعتراضات على تصريحاته ضد المرأة، وضد الأمريكيين من أصول أفريقية ولاتينية، وضد المسلمين. فحتى قبل مجيء ترامب بوقت طويل، كان الحزب يقبل استخدام تكتيكات صارمة وخطابات بلاغية منمقة من أجل الانتخابات. والآن، يدفع الحزب ثمناً باهظاً بسبب ترامب.
وفيما يتعلق بالحزب الديمقراطي، فوضعه ليس جيداً أيضاً. إذ تعكس الحملة الانتخابية لساندرز مدى انقسام الحزب على نفسه. إذ تنعدم الثقة في كلينتون لدى مؤيدي ساندرز حيث يرونها تجسيد لحزب يسيطر عليه وول ستريت والسياسات الليبرالية الجديدة. فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا ليس هل ستعمل كلينتون بآراء الحزب في السياسة الخارجية وإنما هل ستستمع إلى آراء أعضاء الحزب الممثلين للشعب.