الصلاة تمنح المرضى طاقة روحية علاجية
أفادت دراسة أجراها منتدى مركز أبحاث بيو للدين والحياة العامة أن حوالي 84% من سكان العالم ينتمون إلى مجموعات دينية، منهم 1.6 مليار مسلم، أي حوالي ربع سكان العالم. يوضح هاني هنري، أستاذ مساعد في علم النفس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أنه بالرغم من الدور الكبير الذي يلعبه الدين في حياة الكثيرين، إلا أن الطب النفسي لم يأخذ خطوات ملموسة نحو استخدام الدين في العلاج النفسي للمساعدة في إزالة الشعور بالوحدة أو التوتر من خلال "الطاقة الروحية."
يقول هنري "حينما كنت اتدرب كأخصائي علاج نفسي إكلينيكي في الولايات المتحدة الأمريكية، تدربت على احترام كل من الرأي الآخر والمعتقدات الدينية المختلفة، إلا أنه ما زال هناك نوع من القلق تجاه استخدام الدين في العلاج النفسي لمساعدة من يعانون من القلق والتوتر، والاكتئاب. يعمل هنري كطبيب نفسي ممارس يتعامل مع مرضى من خلفيات متعددة في جميع أنحاء القاهرة، وقد نشر مقالة بعنوان“Spiritual Energy of Islamic Prayers as a Catalyst for Psychotherapy” في دورية "Religion and Health" في الخريف الماضي. وقد بدأ في إجراء دراسة في عام 2011 حول استجابة مرضاه لدمج الصلاة مع العلاج النفسي. فقد قدم في هذه المقالة دراسة لحالة مريض معين كان قد تحسن بفضل استخدام هذه الطريقة في العلاج.
هناك مدرستا فكر في مجال الطب النفسي حول كيفية دمج الصلاة مع العلاج. يقول هنري "يشجع بعض الأطباء النفسيين الطريقة الضمنية، بمعنى، إذا ما تحدث المريض بنفسه عن الصلاة في العلاج، يقوم الطبيب بتشجيع الأمر ويمنحه المساحة الكافية للتحدث عنها ويظهر احترامه لذلك. ومع ذلك، هناك أيضاً الطريقة الصريحة، وذلك حينما يقوم الطبيب النفسي إدراج الدين والصلاة كجزء من النظام العلاجي، مع مراقبة تحسن المريض والتحدث معه عن الإيمان والأمور الروحانية، وليس فرض بعض المعتقدات عليه، وإنما المشاركة في حديث صريح وصادق حول معنى هذه الصلاة بالنسبة إلى المريض."
فقد لاحظ هنري أن الصلاة تمنح المريض "طاقة روحية"، وهي فكرة قديمة، إلا أنه نادراً ما كان يتم دمجها في العلاج النفسي التقليدي. يقول هنري، الذي يستشهد بعبارة من الكتاب "Spiritual Energies in Daily Life" للكاتب جون روفاس، "إن الطاقة الروحية مثل الخميرة التي تتمدد، أو أن قوى الحياة هي التي تدفع البذور إلى الاستنبات. إن البعض يصف الأمر وكأنهم يشعرون بهزة، فهي تجربة مانحة للحياة، وتمنحك دافعاً لها. هناك خيارات مختلفة لماهية الصلاة بالتحديد، ولكن المرضى الذين يؤدونها يشعرون بالتأثر والقوة، أو بالارتعاش أو الدفء، فهي تمنح شعور بالسعادة والرضا. إن الصلاة ليست شيئاً جسدياً فحسب، وإنما هي غيبية أيضاً، فهي نوع من الطاقة التجريبية."
يوضح هنري أن من يؤدون الصالة في الإسلام يشعرون بالطاقة الروحية لشعورهن بأنهم على اتصال مباشر بالله أثناء تأديتهم للصلاة، وهو الشعور الذي يمنحهم الدافع والقوة، بالإضافة إلى إزالة الشعور بالوحدة أو الانعزال. هذا الاتصال مع الله يمنح المرضى المسلمين القوة للتعامل مع المشكلات التي يواجهونها في حياتهم. يؤكد هنري "إن الإيمان يمنح الناس الطاقة والتي تسهم بدورها في تخفيف التوتر، والمساعدة في حل المشكلات، وفهم الآخرين بشكل أفضل. يعتبر الأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلى الكثيرين هو مسامحة الغير، ومسامحة النفس أيضاً. إن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب والاضطراب يشعرون بالذنب والخزي. ولكن، الطاقة الإيجابية التي تنبعث من الصلاة قد تساعد الناس على مسامحة أنفسهم."
يخشى هنري أن الكثير من الأطباء النفسيين يحاولون تجنب الحديث عن الروحانيات أو الدين لأنهم يشعرون بأنهم ليسوا مؤهلون للخوض في الحديث عنهما. يقول هنري "إن العلاج النفسي يمنح شيئاً بالمثل كما تفعل الروحانيات، فلم لا ندمج هذين التجربتين الرائعين معاً؟ فمثل هذا الاندماج يكون له أهمية كبيرة وخاصة لدى الأشخاص الذين يكون الدين بالنسبة لهم هو محور حياتهم. فلا يجب أن يكون هناك انفصال بين الطب النفسي والروحانيات."
يرى هنري أنه على الأطباء النفسيين توخي الحذر عند التعامل مع الدين، "يجب أن يحذر الأطباء النفسيون من القيام بأمر هم ليسوا مؤهلين للقيام به. هذا علاج وليس وعظاً، فيجب ألا يشكك الأطباء النفسيين في معتقدات المرضى أو يخوضوا في أحاديث ومناقشات دينية أو لاهوتية. يجب على الممارس الاستناد إلى حكمه العملي، ويجب أن يتساءل الطبيب النفسي عن ميوله وافتراضاته الخاصة، وتجنب التصرف بتعالٍ تجاه معتقدات الاخرين، حتى وإن كان هذا الشعور في داخله."
يوضح هنري أن المفتاح للجوء للدين في العلاج النفسي يتمثل في المناقشات الصريحة والصادقة، والتشجيع على اللجوء إلى الصلاة، وربط الصلاة بالعلاج. يقول هنري "يساعد الأطباء النفسيون مرضاهم على تحقيق ذاتهم، وتحديد إمكاناتهم، والشعور بالتغيير النفسي، وقبول حدودهم. يجب أن يركز هؤلاء الأطباء على استخدام الصلاة لتحقيق هذه المكاسب، ومساعدة المرضى على استخدام الطاقة الروحية لنموهم ونضجهم الشخصي، ودعم قدرتهم على العفو، وإزالة التوتر. يمكن أيضاً أن يقوم الأطباء النفسيون بتوجيه المرضى نحو الحفاظ على الطاقة الروحية في حياتهم من خلال قول أدعية في الحال إذا ما بدأوا يشعرون بالضغط والتوتر."
يجد هذا الاتجاه حالياً رفضاً بين أوساط الأطباء النفسيين في مصر إلا أن هنري يأمل في إقامة ورش عمل للتوعية بأهمية ذلك.