وراء الكواليس: تجهيز المعارض بمكتبة الجامعة
تقول كونشيتا تشيرجي، المسئولة عن مجموعة الفن المعماري الإقليمي بمكتبة وأرشيف الكتب النادرة والمجموعات الخاصة، "تتطلب إقامة كل معرض أسابيع وأشهر من الإعداد المسبق، هذا بالإضافة إلى كم هائل من الوقت والإبداع."
يعد معرض "شارع المتنبي يبدأ هنا" من أمثلة هذا المعارض، والذي يستمر حتى 30 أغسطس الحالي. يتضمن المعرض 54 كتاب من الكتب الفنية وغير التقليدية التي تجولت حول العالم. تهدى هذه الجولة إلى ذكرى شارع المتنبي في بغداد، حيث كانت مركزاً تاريخياً لبائعي وصانعي الكتب بهذه المدينة، والتي دمرت جراء انفجار عنيف في عام 2007.
يدخل زائرو المعرض داخل القاعة المقام بها من خلال ممر قوسي ضخم يتكون بالكامل من الكتب، وذلك لإيجاد شعور وكأنك تدخل هذا الشارع القديم. ومع وجود واجهات للعرض على جانبي الممر المركزي والتي تمثل أكشاك الكتب التي كانت تصطف على جانبي شارع المتنبي الفعلي، إن تصميم المعرض يجعله عرض مرئي مثير.
تقول تشيرجي "حينما شرعنا في تجسيد الأفكار حول كيفية إعداد معرض المتنبي، ركزنا على عنصر واحد ثلاثي الأبعاد. أردنا إنتاج شيئاً مثيراً يشعر الزائر وكأنه في المكان المقصود بالفعل."
من أجل إضفاء المزيد من التأثير، علقت كتب تنسدل من السقف لكي تعطي الانطباع وكأنها تطفو، بينما وضع تمثال للمتنبي نفسه، وهو الشاعر العراقي الشهير الذي سمي الشارع على اسمه، يتوسط قاعة المعرض. ووضعت كتب على شكلي مئذنة وهرم في أركان القاعة، وعلقت صور فوتوغرافية تعكس التسلسل الزمني لتاريخ الكتابة والحروف على الحوائط.
يقول فيليب كروم، العميد المشارك لمكتبة وأرشيف الكتب النادرة والمجموعات الخاصة، "كانت الفكرة الأساسية أن نحاول تجسيد منظر وإحساس الشارع، وذلك بوجود أكشاك الكتب على الجوانب. وكلما تعمقنا في البحث، كلما ازدادت الأفكار الإبداعية والابتكارية."
وأدت هذه الأفكار إلى تأثير الكتب الطافية، وهو أحد الأوجه التي ينفرد المعرض بها. يوضح كروم "تجسد الفكرة الإبداعية للكتب الطافية فكرة انفجار قنبلة داخل متجر للكتب وتناثر تلك الكتب في الهواء. كانت الفكرة الأولية لدينا هي أن نجعل قاعة العرض تبدو مثل شارع المتنبي بأكثر صورة ممكنة، ولكن الفكرة أصبحت أكثر رمزية."
من أجل تنفيذ منظر الكتب المتناثرة في الهواء، تشيرجي، بالاشتراك مع فريقها المكون من خمسة طلاب، صوروا أغلفة بعض الكتب الموجودة بالمكتبة ولصقوا تلك الأغلفة على الورق المقوى. يوضح كروم "كانت الكتب الحقيقية ستكون ثقيلة للغاية لاستخدامها في مثل هذا المنظر، وكانت ستعقد من الأمر، لذلك كان علينا الوصول إلى حل يؤدي إلى تجسيد هذه الفكرة."
كان أحد الطلاب الأعضاء في فريق تشيرجي مسئولاً أيضاً عن إقامة تمثال المتنبي المصنع من الكتب، بينما ركز بقية الفريق على بناء كل من المئذنة التي تحاكي مئذنة جامع سامراء العظيم في العراق، والهرم، الذي يحاكي الهرم الأكبر في مصر.
يقول محمد أبو بكر، مدير الحفظ والمسئول عن الحفظ بمكتبة وأرشيف الكتب النادرة والمجموعات الخاصة، "يعتبر معرض "شارع المتنبي يبدأ هنا" من أكثر المعارض الإبداعية والمليئة بالتحديات." يعد أبو بكر، إلى جانب تشيرجي وكروم، أحد أعضاء الفريق الرئيسيين الذي يضع أفكار لمعارض المكتبة وتصميمها وتنفيذها. يضيف أبو بكر "بدأنا عملية الإعداد على نطاق ضيق قبل بداية المعرض بشهرين، ثم كثفنا العمل خلال العشرة أيام التي سبقت المعرض، كنا نعمل طوال اليوم وحتى وقت متأخر من الليل."
يعد الهدف من مثل هذه الأفكار الإبداعية هو اجتذاب أكبر عدد ممكن من الزوار إلى المكتبة، وخاصة الطلاب. تقول تشيرجي، "أردنا الطلاب أن يزوروا المكتبة لمشاهدة المعرض وقول "يا للروعة، ما كل هذه الكتب الموجودة هنا؟" وقد أكدت تشيرجي أن ردود أفعال الطلاب حول المعرض كانت إيجابية ومشجعة، قائلة "جاء الكثير من الطلاب لمشاهدة المعرض، وسألوا إذا ما كان في استطاعة أصدقائهم من خارج الجامعة المجيء لمشاهدته أيضاً."
يقول كروم، مؤكداً على الوقت والمجهود الذي يبذل لإقامة معرض واحد، "نستخدم أقل المصادر لدينا لإحداث أكبر تأثير عند إقامة أي معرض أو حدث. بالإضافة إلى ذلك، يشترك جميع العاملين بالمكتبة في المعارض كافة، حيث نبذل مجهوداً هائلاً كفريق، وتكون أيضاً عملية تعليمية بالنسبة لنا جميعاً."