تحقيق التنمية المستدامة
منذ أن أعلنت الأمم المتحدة عن تبنيها أجندة خاصة بالاستدامة في 1992، بدأت الجامعات على مستوى العالم سريعاً في وضع برامج التنمية المستدامة ضمن منهجها الدراسي. ولتفعيل ذلك الأمر، كان على الطلاب من مختلف التخصصات المشاركة بقوة في دعم خطوات التوجه العملي ناحية التنمية المستدامة عن طريق العمل على تلبية الاحتياجات الحالية مع عدم التضحية بحق الأجيال القادمة في الحصول على احتياجاتهم أيضاً، وذلك كما جاء في مناقشات الخبراء الأكاديميين بالجامعة.
يقول صلاح عرفة، أستاذ الفيزياء بالجامعة: "لقد تعلمت خلال مشواري المهني الطويل في مجال التعليم أنه عندما نتحدث عن التنمية المستدامة فإننا نكون بذلك متحدثين عن التعليم لأننا نحتاج إلى جيل متعلم على أعلى مستوى لكي ندعم حقاً مفهوم التنمية المستدامة. وأعتقد أنه ليس من الكافي أن نلقي محاضرات في هذا الصدد، ولكننا يجب أن نقوم بربط ما تعلمناه في الجامعة بالمجتمع المحيط بنا، وحلقة الإنتاج، والتراث الثقافي، والبيئة. فنحن نحتاج حقيقةً إلى توظيف المعلومات التي نكتسبها في مكانها الصحيح."
يوضح عرفة، الذي تم اختياره كمستشار علمي لمحافظة الشرقية وقام بتنفيذ أحد نماذج التنمية المستدامة هناك، أن طلاب الجامعة يتعلمون كيفية إعمال نوع من التغيير المستدام عن طريق التطوع بالعمل ضمن مبادرات فعالة مثل مشروع بسيسة، الذي تعاون فيه الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين معاً لخلق مجتمعات صديقة للبيئة في المجتمعات الريفية. واستضافت الجامعة، خلال يوم بسيسة الذي يُعقد في أبريل من كل عام بحرم الجامعة، أكثر من خمسين منظمة غير حكومية من مختلف محافظات الجمهورية لعرض منتجاتهم اليدوية للتعبير عن خاصية التنوع التي تزخر بها مصر.
تقوم مراكز وبرامج أخرى بالجامعة بتبني هذا التوجه العملي والمتكامل ناحية التنمية المستدامة. وأوضح أندرو بتروفيتش، مساعد مدير البحوث بمعهد البحوث للتنمية المستدامة، أن النموذج الجديد الذي يقوم المركز بتنفيذه داخل حرم الجامعة، معمل التعلم الحياتي، يشرك جميع الطلاب من كل التخصصات بشكل عملي في المشروعات التي يقوم معهد البحوث للبيئة المستدامة بتنفيذها في حرم الجامعة بالقاهرة الجديدة. وتشمل تلك المشروعات العناية بالنباتات والخضروات المزروعة فوق أول سطح أخضر للجامعة، وتصميم أسقف شمسية لمناطق انتظار السيارات بالجامعة، بالإضافة إلى تصميم صوب زراعية تعمل بالطاقة الشمسية، ومراقبة جودة المياه داخل حرم الجامعة. يقوم الطلاب بابتكار توجهات جديدة تتعامل مع مسائل الكفاية والاقتصاد والبيئة من خلال هذه المشروعات والعمل على وضعها حيز التنفيذ والموائمة بينها. ويقول بيتروفيتش: "نحن نعمل جاهدين على خلق مساحة للتعاون بين الطلاب والعاملين وأعضاء هيئة التدريس وصولاً إلى إجراء نوع من البحوث الحقيقية المعنية بحياة البشر على أرض الجامعة."
يذكر صلاح الحجار، أستاذ ورئيس قسم الهندسة الميكانيكية، أن الجامعة في طليعة المؤسسات التعليمية التي قامت بدمج مفهوم التنمية المستدامة ضمن المقررات الدراسية؛ ولا يدخل مفهوم التنمية المستدامة ضمن المنهج الدراسي للجامعة فحسب مثل برنامج الدراسات العليا الخاص بالتنمية المستدامة وهو البرنامج الأول من نوعه في المنطقة ويعد واحداً من ضمن مجموعة محدودة من برامج التنمية المستدامة التي تُدرس حول العالم، ولكننا نجد أيضاً أن برنامج التنمية المستدامة مطبق بشكل عملي من خلال بعض المشروعات المتميزة مثل مشروع إنشاء محطات لتصنيف القمامة في جميع أنحاء حرم الجامعة ويتضمن هذا المشروع وضع أوعية ذات ألوان وعلامات مختلفة لوضع كل نوع من أنواع القمامة على حدة بالإضافة إلى عمل مشروع لإعادة تصنيع المخلفات. ويؤكد الحجار: "لا تهدف تلك المشروعات إلى الربح، بل هي تهدف في الأساس إلى تعليم الطلاب كيفية الحفاظ على الموارد."
قام بتنظيم المناقشة هيئة التميز في البحوث الخاصة بطلاب البكالوريوس التي تُعقد للسنة التاسعة على التوالي ومؤتمر ريادة الأعمال والأعمال الإبداعية، والذين قاما بوضع الجامعة ومؤسسات تعليمية مماثلة معاً للاحتفال بالبحوث والأعمال الإبداعية التي أجراها طلاب البكالوريوس. وقام بالتعاون معهما أيضاً مؤتمر الاتحاد الأفريقي للطاقة المتجددة، والذي يركز على خلق مصادر للطاقة المتجددة وخلق مجتمعات مستدامة في أفريقيا.
الصورة: معمل التعلم الحياتي بالجامعة أثناء اشتراك الطلاب في عدة مبادرات معنية ببحوث الاستدامة والتي كان حرم الجامعة بالقاهرة الجديدة مسرحاً عملياً لها.