الطاقة الشمسية لتطوير شبكات لاسلكية ذاتية التحكم
إن شبكات الاستشعار اللاسلكية التي تتكون من نقاط التقاء تقرأ المعلومات وتنقل البيانات لاسلكياً إلى كمبيوتر رئيسي لديها استخدامات عديدة محتملة، منها إمكانية إجراء متابعة دقيقة لمرضى السكر، وتوفير نظام أمن لحماية المباني، بالإضافة إلى إمكانية توفير الطاقة اللازمة لإدارة المنازل الذكية الموفرة للطاقة، إلا أن استخدامها مع ذلك يعتبر محدوداً لأنها تعتمد في إدارتها أساساً على البطاريات. ويقود يحيى إسماعيل، مدير مركز إلكترونيات وأدوات النانو بالجامعة ومدير مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، فريقاً للعمل تتركز مهمته أساساً في تطوير شريحة تستطيع امتصاص الطاقة الشمسية اللازمة لتدوير شبكات الاستشعار اللاسلكية.
يوضح إسماعيل، الذي حصل فريقه على منحة من إحدى المؤسسات العريقة وهي مجموعة البحوث الخاصة بأشباه الموصلات: "تخيل لو أنك تريد معرفة نسبة الرطوبة أو النداوة الموجودة في أجواء حقل من الحقول الذي تزرع فيه بعض المحاصيل، وذلك حتى تتمكن من توفير المياه عن طريق استخدام نظام الري بالرشاشات وتشغيله عند الحاجة إليه فقط. فبذلك تستطيع وضع مجسات أو أجهزة استشعار في كافة أرجاء الحقل من شأنها نقل المعلومات حتى تصل إلى الكمبيوتر الرئيسي الذي يتحكم في الرشاشات. وفي هذه الحالة نحتاج إلى مصدر للطاقة لتدوير تلك المجسات، وحتى الآن تعتمد تلك المجسات اعتماداً كلياً على البطاريات. وعندما تتوقف البطارية عن العمل في أحد نقاط الالتقاء، لا يعمل الجهاز بأكمله في هذه الحالة على الوجه الصحيح. وتغيير البطاريات في حد ذاته يستغرق الكثير من الوقت، لأنه يوجد الكثير من الموصلات متناهية الصغر متناثرة في جميع أجزاء الشبكة بالإضافة إلى أن البطاريات التي تدير نقاط الالتقاء الاستشعارية غالية الثمن.
نستخدم أيضاً شبكات الاستشعار اللاسلكية في تصميم المباني الذكية، حيث يتم فتح أو غلق مفاتيح الإنارة او أجهزة التكييف تبعاً للوقت سواء كان ليلاً أم نهاراً، أو تبعاً الحرارة الخارجية، أو وفقاً لوجود بعض الأشخاص في الحجرات من عدمه. ويذكر إسماعيل: "في حالة المنازل الذكية، نضع نقاط الاستشعار المتناهية الصغر في جميع أنحاء المنزل لاستشعار التغير في حرارة الجو أو استشعار وجود أشخاص في الحجرات أم لا. وبالتالي يعمل أحد المجسات على استشعار شئ ما ثم ينقل تلك المعلومة إلى أقرب نقطة استشعار؛ وتنتقل البيانات من مجس إلى آخر من خلال الشبكة اللاسلكية حتى تصل إلى الكمبيوتر الرئيسي. فإذا فرغت البطارية التي تدير إحدى تلك المجسات، فإن تغييرها ووضع بطارية جديدة يستغرق الكثير من الوقت."
يتجه الباحثون حالياً إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الصوت، أو الطاقة الشمسية، أو الموجات الحرارية، وصولاً إلى تسهيل عمل شبكات الاستشعار اللاسلكية على الوجه الصحيح بالإضافة إلى التوسع في استخدامها في مجالات أخرى لم نتطرق إليها من قبل. ويوضح إسماعيل: "يمكننا تطوير شرائح الاستشعار بحيث يسهل وضعها في المجسات المتناهية الصغر وبالتالي تستطيع تلك المجسات امتصاص ضوء الشمس، أو تعمل الهوائيات الاستشعارية الصغيرة على التقاط موجات الصوت. ونستطيع بذلك تحويل تلك المصادر المتجددة إلى طاقة كهربائية من شأنها تشغيل أجهزة الاستشعار الموجودة في الشبكات."
يمكن أيضاً وضع الشبكات اللاسلكية التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة داخل الجسم البشري وذلك لمراقبة العمليات التي تحدث على مستوى الخلايا داخل جسم الإنسان. ويضطلع فريق إسماعيل بمهمة تطوير شريحة بمقدورها امتصاص الطاقة الشمسية التي يستخدمها العلماء بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والأبحاث بأبو ظبي لتطوير أداة لمراقبة مستوى الجلوكوز في الدم ويمكن زرعها داخل جسم الأشخاص المصابين بمرض السكر. ويمكن باستخدام تلك التقنية التحكم في مستوى السكر بالدم، ولا يشعر المريض بتلك المجسات على الإطلاق ويمكنها العمل مدى الحياة بدون الحاجة إلى تغيير البطاريات. وتكمن الفكرة، كما يقول إسماعيل، في "ضعها وانساها".
يعني الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة أيضاً استخدام أقل للطاقة في شبكات الاستشعار اللاسلكية، لأن المجسات الاستشعارية التي تمتص ضوء الشمس سوف تعمل بالاعتماد على البيانات التي تستقبلها نقاط الاستشعار. ويقول إسماعيل: "في بعض الأحيان لا تحتاج نقاط الاستشعار إلى إرسال أي شئ لأن الأجواء المحيطة لا تتغير بسرعة. فإذا كان معدل البيانات قليلاً، تستطيع الشريحة امتصاص الطاقة الشمسية حتى حد الكفاية اللازم لنقل البيانات. وهذه التقنية تمكن موصلات الاستشعار من التوقف عن العمل بصورة مؤقتة أو البقاء في وضع الاستعداد طالما لم يكن هناك أي نشاط قائم يستلزم الأمر متابعته. وطالما كانت مجسات الاستشعار في وضع الاستعداد، تستطيع الشريحة الاستشعارية امتصاص المزيد من الطاقة من مصدرها وتخزينها لحين الحاجة إلى نقل بيانات جديدة، فعندئذ يبدأ مجس الاستشعار في العمل من جديد مسلحاً بالطاقة اللازمة لتشغيله على الوجه الأمثل."
يوضح إسماعيل: "إذا رجعنا إلى مثال الرشاشات، نجد أنه في حالة وجود كثير من الرطوبة والنداوة بالجو تستشعر المجسات ذلك وتنتقل من وضع التشغيل إلى وضع الاستعداد؛ وبرغم بقائها في وضع الاستعداد، ما زالت تستطيع امتصاص المزيد من الطاقة لاستخدامها عند حدوث تغيير في النشاط واستلزام نقل بيانات إلى الكمبيوتر الرئيسي. ويمكن أيضاً للمجسات من خلال هذه التقنية توفير الطاقة لاستخدامها خلال وقت الليل الذي تغيب فيه الشمس."
تعد مجموعة البحوث الخاصة بأشباه الموصلات ضمن إحدى الشركات الرئيسية التي تعمل في مجال أشباه الموصلات. والمنحة التي حصل عليها مركز الأدوات الخاصة بإلكترونيات النانو تعد من المنح التي يتنافس عليها الكثيرون وتعد نادرة في مجالها لأن المجموعة غالباً لا تقوم بتمويل أبحاث تجري خارج الولايات المتحدة الأمريكية. وقد تأسس مركز الأدوات الخاصة بإلكترونيات النانو في 2012 كمركز بحوث مشترك بين الجامعة ومدينة زويل بغرض استخدام إلكترونيات النانو لتطوير أدوات إلكترونية متقدمة ومجسات استشعار ميكروسكوبية يمكن بالتالي تطويعها للاستخدام في كثير من الصناعات ويمكنها تحسين نوعية الحياة في مصر والمنطقة العربية.
الصورة: يحيى إسماعيل يقود فريقاً يعمل على تطوير شريحة استشعارية تستطيع امتصاص ضوء الشمس وتخزين الطاقة الشمسية.