محاربة النماذج النمطية من خلال علم النفس الاجتماعي
أصدر مركزPew للبحوث تقريراً في 2011 ورد فيه أن كثيراً من المسلمين وبعض الذين يعيشون في الغرب يحملون كثيراً من الأفكار النمطية التي تتسم بالسلب عن بعضهم البعض. وقام طلاب الجامعة مؤخراً بقبول التحدي وشرعوا في محاربة تلك الأفكار النمطية السائدة بالإضافة إلى محاولة تحسين العلاقات القائمة بين المسلمين والعالم الغربي وذلك ضمن برنامج علم النفس الاجتماعي الذي يقوم بتدريسه كير فوردن، أستاذ في علم النفس، وآمي كاريللو، أستاذ مساعد سابق في علم النفس. وقد قام طلاب الجامعة بالتعاون مع طلاب من جامعة كلاريون ببنسلفانيا للتفكير في طرق جديدة من شأنها تخفيف حدة العداء وحالة التعصب القائمة بين الشرق والغرب، وذلك من خلال وضع الشرق والغرب في سياق واحد في وسائل الإعلام الاجتماعية.
يوضح فوردن: "قمنا باستخدام مبادئ علم النفس الاجتماعي التي تظهر حالة التحيز والتعصب القائمة ومبادئ علم النفس الاجتماعي القادرة على تسوية النزاع القائم، وقد سألت الطلاب أن يقوموا بخلق مداخلات من شأنها تخفيف حالة التعصب والعداء السائدة بين المسلمين وغير المسلمين في الغرب. وقمنا بنشر تلك المداخلات على صفحة على موقع الفيس بوك مما كان له أكبر الأثر في تسهيل عملية التحاور بين الطلاب من مصر والطلاب من الولايات المتحدة وطرح وجهات النظر والخطط المستقبلية المتعلقة بحل ذلك الصراع."
حصل كل من فوردن وكاريللو في 2013 على جائزة شرفية في تدريس الفعل الاجتماعي وذلك من شبكة علم النفس الاجتماعي تقديراً لجهودهما في هذا المجال،وقاما بوضع نموذج لتبادل الأفكار وذلك حتي يتمكن الطلاب من جميع الكليات من الإطلاع على وجهات النظر الأخرى. يقول فوردن: "قام طلاب من الجامعة بتصميم برنامج للطلاب من الولايات المتحدة، وقام الطلاب من الولايات المتحدة بتصميم برامج للمصريين. فقام طلاب الجامعة بتوجيه سؤال للطلاب من الولايات المتحدة: باعتقادكم كيف يرى المسلمون مواطني الولايات المتحدة وما الذي نستطيع عمله لكي نصحح تلك النظرة؟، وقام طلاب الولايات المتحدة بتوجيه نفس السؤال للطلاب المصريين: باعتقادكم كيف يرى مواطنو الولايات المتحدة المسلمين وما الذي نستطيع عمله للقضاء على تلك النظرة السلبية؟، وكل ما أردنا عمله هو محاولة لتبني وجهة النظر الأخرى ثم التصرف على هذا الأساس."
اقترح الطلاب تنفيذ بعض الأفكار الجديدة مثل إنتاج بعض أفلام الكارتون التي يمكن أن تساعد في محو الأفكار النمطية السائدة بشأن المسلمين، وعقد اجتماعات عبر التليفون مع مسلمين من الولايات المتحدة لإظهار سمة التنوع والاختلاف التي يتميز بها المسلمون في الولايات المتحدة بالإضافة إلى إلقاء الضوء على الإسهامات الكبيرة التي يقومون بها لتطوير المجتمع الأمريكي، وتطوير برنامج لعقد صداقات بين شباب من الولايات المتحدة ومسلمين من خارج الولايات المتحدة وذلك لتقريب وجهات النظر. وتمثلت أحد الأسباب الرئيسية لحصول كلٍ من فوردن وكاريللو على الجائزة في أداء الطلاب لفروضهم الدراسية عبر الموقع الإلكتروني لشبكة علم النفس الاجتماعي.
يرى طلاب الجامعة أن تبادل وجهات النظر هذا لم يكن بمثابة منتدى لعرض العديد من الأفكار المبتكرة فحسب، بل كان أيضاً بمثابة تدريب عملي على كيفية الخروج من النماذج النمطية السائدة. وتقول ياسمين عامر، طالبة بالسنة النهائية في قسم اتصالات التسويق المتكاملة: "لقد كانت عملية تبادل الأفكار بمثابة فرصة عظيمة لإسقاط تهمة التحيز والتعصب عن المسلمين وتفنيد الرسائل المسمومة الخفية التي يحاول البعض إيصالها إلى الغرب. وقد نجحنا كطلاب في تقديم صورة صحيحة عن أنفسنا للجانب الآخر، وقد أعطانا ذلك شعوراً كبيراً بالراحة."
شعر طلاب جامعة كلاريون ببنسلفانيا بالمثل أنهم قد اكتسبوا رؤية أعمق لثقافة تختلف جزئياً وكلياً عن ثقافتهم. وتقول آمي فيرينجر، طالبة بالسنة النهائية بقسم علم النفس بجامعة كلاريون: "يجب أن أعترف أنه خلال مرحلة تبادل الأفكار والتحاور بأكملها أنني قد تعلمت الكثير عن ثقافة أخرى كنت أجهلها، كما أنني عرفت جوانب أخرى من ثقافة المجتمع الذي أحيا فيه لم أكن أعرفها من قبل. والأمر لا يتعدى أن تحاول الاستماع إلى الطرف الآخر وأن تتفهم وجهة نظره لتصل في النهاية إلى تغيير وجهة النظر النمطية السائدة والنجاح في تكوين رؤية صحيحة."
لقد أصابت الدهشة الطلاب لأنهم ببساطة وجدوا أنفسهم متشابهين في كثير من الأشياء. فتقول ديانا وينجوت، طالبة بالسنة الأولى في قسم علم النفس بجامعة كلاريون: "تعلمت أن ثقافاتنا برغم اختلافها تحمل الكثير من الهموم والقضايا المشتركة التي تؤثر في المجتمع، مثل القضايا المرتبطة بالحكومة ووسائل الإعلام. وأدركت من خلال عملية التحاور وتبادل وجهات النظر أنه برغم أننا نشأنا في ظل ثقافات مختلفة، فإننا نتبع نفس الطرق تقريباً لتكوين وجهات نظر وتبني مواقف معينة بشأن بعض القضايا على المستوى المحلي والمستوى العالمي."
انتهى عامر إلى أن تبادل وجهات النظر هذا كان خطوة أولى في طريق كبح جماح التعصب والتحيز، وعبر عن أمله في أن تعقد الجامعة منتديات أخرى لتفعيل التواصل الثقافي والاجتماعي بين الشرق والغرب. ويقول عامر: "أعتقد أنها خطوة كبيرة للأمام، وآمل أن يكون هناك فرصاً أكبر في المستقبل لمزيد من التواصل والتفاعل."
تقوم فوردن حالياً بتطوير عملية خاصة لتفعيل التواصل وتبادل الأفكار بين الطلاب من الولايات المتحدة وطلاب الجامعة وتضمين ذلك في مادة علم النفس المجتمعي التي تقوم بتدريسها في هذا الفصل الدراسي، ولجأت إلى الفيس بوك لتسهيل تلك العملية. ويتعاون طلاب الجامعة مع طلاب مادة علم النفس التنموي بجامعة كلاريون في دراسة حجم الدور الذي يمكن أن تلعبه ثقافة ما في تصميم برامج اجتماعية فعالة للأطفال. وتوضح فوردن: "برأيي أن التبادل الثقافي يمثل إحدى دعائم التعليم القوي، فلا يستطيع كل إنسان أن يسافر إلى مكان آخر بسهولة ومن ثم تتيح برامج التبادل الثقافي للطلاب الفرصة كاملة للإطلاع على ثقافات وحضارات أخرى بدون حتى أن يغادروا أماكنهم."