هيئة التدريس بالجامعة تهتم بتوازن القوى في مسودة الدستور الجديد
بينما يستعد المصريون للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في الرابع عشر والخامس عشر من يناير القادم، يتفق أعضاء هيئة التدريس بالجامعة أنه من المتوقع أن يصوت معظم المصريين "بنعم" في الاستفتاء القادم، إلا أن ذلك الدستور ربما لا يستطيع التأثير بقوة وتغيير الواقع الإجتماعي، والسياسي، والإقتصادي لمصر، ويمنح في الوقت ذاته الكثير من السلطة للمؤسسة العسكرية والشرطة والقضاء.
يقول أحمد عبد ربه، أستاذ مساعد النظم السياسية المقارنة، في لقاء المائدة المستديرة للإعلاميين الذي عُقد الأحد الماضي: "أنه من المفترض أن يخاطب هذا الدستور كافة الفصائل السياسية الموجودة على الساحة ويوائم بينها وأن يسلم مقاليد السلطة للشعب، إلا أنه أعطى مزيد من الحصانة للشرطة والجيش والقضاء."
يوضح عبد ربه أن انتقاد عملية منح المزيد من السلطات للجيش لا يعني أننا نريد القضاء على مؤسسة الجيش. ويذكر عبد ربه: "أن مؤسسة الجيش تمثل جزءً لا يتجزأ من كيان مصر، ونحن نكن له أكبر الاحترام. نحن فقط ننتقد تدخله السافر في الأمور السياسية؛ فإذا كنا نريد دولة ديمقراطية بحق، يجب على الجيش ألا يتدخل في المسائل السياسية."
لقد اشترك معه معتز عبد الفتاح، أستاذ السياسات العامة والإدارة، في نفس وجهة النظر وعبر عن رأيه قائلاً: "أنه على الرغم من أن الجيش هو أحد ركائز مصر القوية، إلا أن الدولة لا تستطيع أن تصمد مستندةً على عمود واحد فقط. فنحن نحتاج إلى بناء المؤسسات الأخرى للدولة وتدعيمها."
يرى مصطفى السيد، أستاذ مساعد العلوم السياسية أن هناك المزيد من القوة والسلطة الممنوحة للعسكريين بنص هذا الدستور الجديد، فقد نصت المادة 174 من الدستور الجديد على جواز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.
يعترف السيد بوجود تقدم ملحوظ في نصوص الدستور الجديد فيما يخص الحريات الشخصية، إلا أنه يوجد لديه بعض التحفظات بشأن المادة 31 التي تدعو إلى أمان شبكة الإنترنت وتنص على أن الدولة مسئولة مسئولية كاملة عن اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية الشبكة. ويضيف السيد أن هذا النص يعطي الدولة الحق في الرقابة على محتوى الإنترنت وذلك من شأنه تقييد حرية التعبير. ويرى السيد أن استخدام الكثير من المصطلحات الغامضة من قبيل "سلامة المعلومات" و"تهديد الأمن القومي" يفتح الباب لعدد كبير من التفسيرات والتأويلات.
يقول ابراهيم عوض، أستاذ السياسات العامة والإدارة ومدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين، معلقاً على وجوه التشابه بين مشروع الدستور الجديد ودستور 1971: "نحن أمام دستور جديد شكلاً قديم موضوعاً، فنحن لا نتوقع بالتأكيد أكثر من ذلك من لجنة الخمسين التي صاغت الدستور. ففي النهاية، الدستور ما هو إلا نتاج للبنية الإجتماعية، والإقتصادية، والسياسية للدولة."
يذكر عدد من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة أيضاً أن آثار الدستور الجديد باتت محدودة من جراء القلاقل التي تمر بها الحياة الإجتماعية والسياسية في مصر. ويرى عبد ربه أن الشعب يصوت على شرعية الدستور لا على محتواه، وذلك في خضم الأجواء السياسية العاصفة الذي تمر بها مصر. ويعبر عبد ربه عن أمله في ألا يصبح هذا الدستور هو الدستور الدائم لمصر، لأنه تمت كتابته في ظروف استقطابية شبيهة بالظروف التي أفرزت دستور 2012.
يشعر أعضاء هيئة التدريس بالتفاؤل ويعتقدون أن مشروع الدستور الجديد ما هو إلا خطوة على الطريق الصحيح، وذلك على الرغم من التحفظات التي أبدوها. يرى عبد الفتاح ان الدستور الجديد ربما لا يقضي على مشاكل مصر الاجتماعية والسياسية مرة واحدة، إلا أنه مع وجود نخبة مستنيرة وتشريع محكم من الممكن أن يظهر الدستور بشكل جيد. ويقول عبد الفتاح: "لقد كانت مشاكلنا تكمن دائماً في الجهل، والفقر، والمرض، ومؤخراً في حالة الإنقسام المجتمعي التي نمر بها. وأرى أنه يمكن للدستور الجديد أن يحل كل تلك المشاكل بصورة جذرية."
لمشاهدة الجزء الأول من اللقاء،اضغط هنا
لمشاهدة الجزء الثاني من اللقاء،اضغط هنا
الصورة: أحمد عبد ربه، وابراهيم عوض، وراندا أبو العزم، ومصطفى السيد في لقاء المائدة المستديرة الحادي عشر للإعلاميين والذي جاء بعنوان "دستور مصر 2013: الحريات العامة، والشعب، والسلطة".