بيورنتون: الأبحاث المبتكرة والنهج التحليلي لإصلاح التعليم في مصر
يقوم تيد بيورنتون، عميد كلية الدراسات العليا في التربية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بالتركيز على الصورة الأشمل من أجل تحسين التعليم في مصر.
يقول بيورنتون "هناك كم هائل من الأمور التي تدور فيما يتعلق بإصلاح التعليم في مصر. نحن، ككلية، لا نهدف إلى التدخل في وسط ذلك، وإنما علينا التنحي جانباً كي نحاول تفسير ما يدور من أمور وأن نقدم رأياً أكثر تحليلياً."
يذكر بيورنتون أن هناك حاجة لتغيير النظرة والاتجاه السائد نحو التعليم في جميع أنحاء البلاد، وذلك على المستويين السياسي والمحلي، قائلاً "نود أن يتوجه الناس نحو استخدام نهج يستند إلى الأدلة في التعليم، والاعتماد على الكم الهائل من الأبحاث الخاصة بالتعليم والتي تستند إليها الكثير من الدول عند اتخاذ قرارات مهمة بشأن المدارس، والجامعات، والفصول الدراسية، والأنظمة التعليمية. ولكن، لكي يتمكن الناس من استخدام وتطبيق تلك الأبحاث، لابد وأن يؤمنوا بجدواها، وأن يتخطوا الافتراضات المبسطة فيما يتعلق بعمليتي التدريس والتعليم. لا زالت الكثير من الدول تعاني من فكرة أن التعليم ليس امتداد لمعتقدات المرء، أو أنه مجرد عملية نقل للمعرفة من عقل إلى آخر. فالدلائل هي التي تشير إلى المسار الصحيح، وتعتبر هذه الدلائل مفصلة للغاية."
وهنا يأتي دور طلاب الدراسات العليا في كلية التربية والأبحاث الأكاديمية التي يجرونها حول عملية إصلاح التعليم في مصر. يقول بيورنتون "نود أن نكون الجهة التي تقدم النصح والاستشارات القويمة والمفيدة على جميع المستويات استناداً على الدلائل، والأساليب المتطورة على نحو متزايد والمستخدمة في إجراء الأبحاث الخاصة بالتعليم."
توسع الجهود محلياً وإقليمياً ودولياً
ومع زيادة عدد خريجي دراسات البكالوريوس من الجامعة والعاملين بالمدارس الخاصة بمدينة القاهرة بدون نظام إلزامي يتطلب حصولهم على شهادة للتدريس بتلك المدارس، يعتقد بيورنتون أن الجامعة يمكنها زيادة التوعية بين طلابها بشأن القضايا الخاصة بالتعليم على المستويين السياسي والمؤسسي. يقول بيورنتون "نود أن يشاركنا طلاب دراسات البكالوريوس بصورة أكبر لأنه قد يتزايد دورهم أو قد يكون لهم رأي في قضية التعليم في مصر."
كما تقف الجامعة أيضاً في وضع استراتيجي يمكنها من التأثير خارج حدود مصر، وخاصة مع وجود أزمة لاجئي الدول العربية وفقاً إلى بيورنتون، قائلاً "نود أن نقدم الكثير فيما يتعلق بـ"التعليم في وقت الطوارئ" للأسر والمجتمعات التي تم تشريدها بالدول العربية."
يذكر بيورنتون أن التعليم الذي يتم تصميمه خصيصاً للاجئين لا يقدم للأطفال ما يحتاجون إليه من الشعور بالأمان فحسب، وإنما يضمن أيضاً ارتباط هويتهم الشخصية بدولهم الأم، وهو الأمر الذي يؤثر عليهم فكرياً وأكاديمياً طوال حياتهم. يقول بيورنتون "سيكون ذلك إسهاماً مهماً من قبل الجامعة، لذا سنقوم بالتركيز على هذا المجال خلال السنوات القادمة، وخاصة تحت قيادة معهد الشرق الأوسط للتعليم العالي بالجامعة."
بالإضافة إلى ذلك، فقد أصبح التوجه نحو تدويل التعليم العالي اتجاهاً سائداً في كل دول العالم، وتستخدم كلية الدراسات العليا في التربية الأبحاث الأكاديمية لإبراز الوضع الفريد الذي تتمتع الجامعة به داخل مصر، وإحداث أثر في الجامعات المشابهة بالخارج. يقول بيورنتون "تعد الجامعة مؤسسة تعليمية شديدة الديناميكية، وخاصة لأنها ثاني أقدم جامعة أمريكية خارج الولايات المتحدة الأمريكية، ولأنها واحدة من أكثر الجامعات ذات السمعة الرفيعة."
يضيف بيورنتون أن الكثير من الجامعات الأمريكية الطراز قد تم افتتاحها في الخارج خلال العقود الماضية، وقد اتخذت جميعها الجامعة الأمريكية بالقاهرة كمثال يحتذى به حول كيفية تكيف القيم الخاصة بالدراسات التأسيسية مع الثقافات المحلية. ويتوقع بيورنتون أن تلعب كلية الدراسات العليا في التربية دوراً مباشراً في الحوار العالمي الخاص بالتعليم عبر البلدان خلال الأعوام القادمة.
كلية الدراسات العليا في التربية
نشأت كلية الدراسات العليا في التربية في عام 2006 لتقديم برامج التطوير المهني في مجال التعليم. وانطلاقاً من رغبة الجامعة في تقديم برامج الدراسات العليا للقادة والمتخصصين في مجال التعليم، قامت الكلية بإتاحة تلك البرامج مع التركيز على إنتاج الأبحاث التطبيقية للتأثير في عملية صنع القرار على جميع المستويات، وذلك في عام 2010. والآن، تتيح الكلية برنامجا ماجستير وستة برامج دبلومة المعلم المحترف. بالإضافة إلى ذلك، نجح معهد الشرق الأوسط للتعليم العالي بخلق علاقات التواصل بين مختلف الكليات المصرية والإقليمية المتخصصة في مجال التعليم وأيضاً بين المؤسسات التعليمية الأوروبية وذلك لتنمية المهارات والقدرات في التطوير المهني للمعلمين.
عكفت الكلية على تطوير البرامج الأكاديمية التي تقدمها خلال الخمسة أعوام الأولى. والآن، ومع توسع قاعدة الخريجين، يقوم خريجيها بالترويج للكلية حول العالم. يعمل الكثير من هؤلاء الخريجين بمنظمات غير حكومية، ومنظمات متعددة الأطراف، ومؤسسات بحثية، حيث أسهموا بدور فعال في صناعة السياسات وفقاً لبيورنتون. يقول بيورنتون "يتم تعيين خريجي الكلية، المشبعين بالتقاليد وأحدث ما توصلت إليه الأبحاث في مجال التعليم، في المراكز القيادية أو يتم قبولهم في أعلى برامج الدكتوراة بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا."
ستواصل الكلية توسعاتها في برامج التطوير المهني خلال الأعوام القادمة، والتي تتضمن عقد الندوات وورش العمل، وذلك لتقديم تدريب على تنمية المهارات لقادة الكليات والجامعات في جميع أنحاء البلاد. يقول بيورنتون "نحن نقوم بالفعل بتقديم الكثير من البرامج للتطوير المهني للمعلمين وتنمية مهاراتهم، ولكن سنحدث المزيد من التوسعات في هذا النطاق بالاشتراك مع كلية التعليم المستمر لمساعدتنا في العمل كي يكون لدينا تأثير أكثر فعالية."
وبصفة عامة، يشعر بيورنتون بالتفاؤل تجاه الدور الذي ستستمر الكلية في القيام به في عملية إصلاح التعليم بالمنطقة العربية. يقوم معهد الشرق الأوسط للتعليم العالي بصياغة العديد من السياسات والممارسات ذات الصلة، وتساهم برامج الدراسات العليا في بناء كوادر من القادة في مجال التعليم في مصر والذين يبرعون في إنتاج أبحاث في هذا المجال، ولا زالت تتوسع برامج التطوير المهني وصولاً لعدد أكبر من الجماهير. يقول بيورنتون "تتمتع الجامعة بفرصة هائلة لتجسيد التزامها تجاه التعليم في مصر والمنطقة العربية عبر كلية الدراسات العليا في التربية."