الجامعة تستضيف المؤتمر الإقليمي الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في علم النفس المجتمعي
أُطلقت الجامعة الأمريكية بالقاهرة برنامج علم النفس المجتمعي لطلاب الدراسات العليا في عام 2011، والذي يعد البرنامج الأول من نوعه في المنطقة العربية. واليوم، يدرس 21 طالباً بالبرنامج ليصبح برنامج الماجستير الأسرع نمواً بالجامعة. هذا، وقد اتجه بعض خريجي البرنامج لنيل شهادة الدكتوراة من أفضل الجامعات حول العالم، واتجه البعض الآخر للعمل بمنظمات غير حكومية محلية ودولية، وأصبح آخرين يعملون في تقديم الاستشارات والعلاج النفسي.
واستناداً على نقاط القوة التي يتميز بها هذا البرنامج، استضافت الجامعة المؤتمر الإقليمي الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في علم النفس المجتمعي بعنوان التعاون من أجل تغير المجتمع: الرؤية، والابتكار، والأثر.
تقول منى عامر، أستاذ مساعد في علم النفس في قسم علوم الاجتماع والإنسان والنفس والمصريات بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالجامعة والرئيس المشارك للمؤتمر، "يعد مجال علم النفس المجتمعي من المجالات الجديدة في العالم، وخاصة في المنطقة العربية. فقد أردنا، من خلال هذا المؤتمر، أن نعمل على تطوير هذا المجال وإعداد خطة أو برنامج عمل لتوسيع هذا المجال في العالم العربي آخذين في الاعتبار السياق والثقافة العربية."
اشترك في المؤتمر ما يقرب من 80 متحدث على مدار ثلاثة أيام، حيث توافدوا من مصر، والأردن، ولبنان، وفلسطين، والمملكة العربية السعودية، وجنوب أفريقيا، وتركيا، واليمن، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة. ألقى توني نايدو، جامعة ستيلينبوش بجنوب أفريقيا، الكلمة الرئيسية بالمؤتمر، والذي تحدث عن "بناء مجتمع تعاوني في الأوقات المتغيرة" أو "Building a "Collaborative Community in Changing Times.
وبالإضافة إلى حضور أكاديميين من مختلف بقاع العالم، شارك في المؤتمر ممارسين مجتمعيين يعملون بالمنظمات غير الحكومية مثل مصريون أصحاء Healthy Egyptians، ومنظمة اليونيسيف، وهيئة إنقاذ الطفولة Save the Children، ونظرة للدراسات النسوية Nazra for Feminist Studies، ومؤسسة منتور العربية Mentor Arabia. تقول عامر "يمكنك التعلم والتواصل مع أشخاص ذوي خلفيات أكاديمية متنوعة، ونود الاستماع إلى خبرات وتجارب الأشخاص الذين يعملون على أرض الواقع."
تؤكد عامر أيضاً على الجانب متعدد التخصصات للمؤتمر حيث أنه من الخواص المميزة لعلم النفس المجتمعي، قائلة "يفتح مجال علم النفس المجتمعي ذراعيه للأشخاص من خلفيات متنوعة. ويتاح للجميع فرص متكافئة للتعبير عن رأيهم."
كما تؤكد كاري فوردن، أستاذ علم النفس ومدير برنامج الدراسات العليا بالجامعة، والرئيس المشارك للمؤتمر، على الطبيعة متعددة التخصصات التي تميز بها المؤتمر. تقول فوردن "تكمن أهمية هذا المؤتمر في جمع مجموعة متنوعة من الباحثين والممارسين وإتاحة الفرصة لهم للتعلم والتواصل والتعاون معاً. أعتقد أن بعض العلاقات قد نشأت من خلال هذا المؤتمر وسيكون لها أثراً إيجابياً على المنطقة العربية في السنوات القادمة."
يكون لمثل هذه المؤتمرات أهمية خاصة في المنطقة العربية في ظل الوصمة الاجتماعية التي تخيم حول قضايا الصحة النفسية والعقلية في مصر، وقلة الوعي العام حول معنى علم النفس وما هو وضع علم النفس المجتمعي هنا.
تقول عامر "إن نظرة المجتمع تجاه الطب النفسي هي نظرة جائرة وتحمل الكثير من المعاني الضمنية، فهناك غياب وعي تجاه علم النفس في الثقافة المصرية. إذ يفترض معظم الناس أن الطب النفسي يعالج المرضى المصابين بالأمراض العقلية وليس النفسية، ولكن الحقيقة هي أن علم النفس يعد علم متشعب ومتعدد الأوجه ويتضمن العديد من المجالات الفرعية المختلفة."
تذكر عامر أنه حتى داخل الحرم الجامعي هنا، فكثير من الناس لا يفهمون الاختلاف بين علم النفس المجتمعي والعلاج النفسي الذي يقدَم لشخص يعاني من الاكتئاب أو لزوجين يواجهان الكثير من المشكلات في زواجهما. توضح عامر "لا يركز علم النفس المجتمعي على شخص ما ولكنه يركز على المجتمع أو مجموعة من الأفراد والعوامل التي تربطهم معاً. وحينما يتم التوصل لفهم صحيح للمجتمع وكيف يعمل، سيتمكن الممارسين المجتمعيين من التعامل مع المشكلات الاجتماعية واقتلاع تلك المشكلات من جذورها وإيجاد طرق لمعالجتها. فسواءً كنا نتحدث عن أطفال الشوارع، أو معدلات الإصابة بمرض الالتهاب الكبدي الوبائي، أو وصمة المرض النفسي، أو التمييز ضد النوع، يجب أن يكون لدينا فهماً أكثر منهجية ومراعياً للبيئة التي نتواجد فيها للمشكلات الاجتماعية كي نتمكن من معالجتها."
يستخدم علم النفس المجتمعي نهجاً تصاعدياً، من القاعدة إلى القمة، لتمكين الأفراد الذين يعيشون داخل المجتمع. تقول عامر "تتبع الكثير من الجهود المجتمعية النهج التصاعدي، حيث يكون لديك خبيراً مشجعاً، وفي بعض الحالات، يقوم هذا الخبير بفرض بعض الوسائل لإحداث تغيير والتي عادة ما تؤدي إلى دوران المجتمع في حلقات متكررة من القهر. في حين أن علم النفس المجتمعي يشجع على مشاركة أفراد المجتمع ويعمل على تمكينهم وبناء قدراتهم لكي يتمكنوا من إحداث تغيير بأنفسهم بشكل دائم."
تشير عامر إلى أن الطلاب الذين يتم تدريبهم في برنامج علم النفس المجتمعي مؤهلين تماماً لمعالجة أكثر المشكلات إلحاحاً في مصر. توضح عامر "تعتبر الكثير من التحديات التي يواجها المجتمع المصري ذات طابع نظامي، وهناك العديد من القضايا ذات الصلة التي تؤثر على تلك التحديات والتي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند محاولة إيجاد حلول لها."
وبينما تركز أربعة برامج للدراسات العليا بالجامعة على تغيير المجتمع، يعد برنامج علم النفس المجتمعي البرنامج الوحيد الذي يتضمن مكوناً سيكولوجياً لفهم السلوك الإنساني والاجتماعي، بالإضافة إلى استراتيجيات مبتكرة لمعالجة القضايا الاجتماعية. يقول هاني هنري، أستاذ مساعد في علم النفس ورئيس قسم علوم الاجتماع والإنسان والنفس والمصريات بالجامعة، "يعد برنامج علم النفس المجتمعي بالجامعة الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي يتيح إمكانية التدخلات التي تتناسب مع التقاليد الثقافية وذلك في المجتمعات التي تعاني من مشكلات الصحة النفسية. نحن نفخر بإنجازات ومجهودات خريجي البرنامج من أجل تحسين جودة حياة الأفراد والمجتمعات في المنطقة العربية."
تؤكد عامر أـيضاً على أنه يؤسس الكثير من العمل المجتمعي حالياً على الملاحظة، أو الشغف للعمل، أو التجربة والخطأ. تقول عامر "يركز برنامج علم النفس المجتمعي الذي تقدمه الجامعة على كيفية صياغة وإعداد برامج فعالة للوقاية والتدخل في المجتمعات باستخدام وسائل قائمة على الأدلة والتمكين والمشاركة. وفضلاً عن الطريقة التي نعالج المشكلات بها، فإن البرنامج يعتبر فريد لأنه يتضمن حصول الطلاب على خبرة عملية مباشرة، حيث يتم دمج التعلم المجتمعي داخل جميع المواد المتاحة تقريباً."
وبالإضافة إلى المواد الأساسية، يجب أن يقوم كل طالب بإتمام 20 ساعة من التدريب أسبوعياً على مدار فصلين دراسيين، وتقديم رسالة علمية للماجستير. تقول عامر "إلى جانب المفاهيم النظرية التي يتعلمها الطلاب، فهم يكتسبون مهارات في مجال تقييم الموارد والاحتياجات، وإعداد البرامج، وتقييم البرامج، والاستشارات."
تؤكد فوردن "من شعارات برنامجنا "لا يكمن الأمر حول ما تقوم به، وإنما في كيفية أو طريقة القيام به"، إذ أن ما يميز مجال علم النفس المجتمعي هو النهج المستخدم في التطبيق، والذي يدور حول القدرة على فهم المشكلات الإنسانية في ظل السياق الاجتماعي، والعمل بشكل تعاوني للتعامل مع الناس من منظور مقنع، والتركيز على الوقاية بدلاً من العلاج، والاعتماد على الدلائل العلمية في التدخلات."