السفير كاسون ورؤية إيجابية حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
ألقى جون كاسون، السفير البريطاني في القاهرة، محاضرة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة بعنوان "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومستقبل أوروبا". وأوضح كاسون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يشير إلى حدوث تحول كبير في وضع الدول القومية في القرن الحادي والعشرين الذي أصبح أكثر عالمية، وأيضاً في رؤى الناس تجاه تلك الدول.
قال كاسون "كانت المملكة المتحدة مختبراً للثورة الصناعية، وكانت مختبراً للدول في مرحلة ما بعد الاستعمار. والآن، سنكون المختبر الخاص بتجديد الدولة القومية."
تحدث كاسون بصورة تفاؤلية حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وعن الآثار المحتملة لذلك على بريطانيا وأوروبا والشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بوضع مصر في الحوار الدولي هذا.
وأوضح كاسون أنه أثناء تشكيل الاتحاد الأوروبي، كان الشعور السائد حول الدول القومية آنذاك أنها ضعيفة وتحتاج لكيان ما من أجل تمكينها. ولكن مؤخراً، وفي حالة بريطانيا تحديداً، بدأ المواطنون يشعرون بظهور فجوة ديمقراطية وعدم تمثيل هويتهم بالشكل الملائم.
كانت قضية هجرة مواطني الاتحاد الأوروبي داخل أوروبا جوهر موضوع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فقد ارتفعت نسبة البريطانيين المولودين لأجانب بنحو 14% من عام 2005 وحتى عام 2016، بالإضافة إلى تواجد أكثر من 3 مليون أجنبي بالفعل. وقد شعر الكثير من أفراد المجتمع البريطاني أن ذلك يعد انعكاساً لفقدان السيطرة من قبل الحكومة البريطانية. فكان التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فرصة للشعب البريطاني للرد على تزايد فجوة الهوية بين الشعب والقرارات التي يتخذها الاتحاد الأوروبي.
وفيما يتعلق بوضع هذا الخروج ضمن تاريخ عالمي طويل يعود إلى نشأة الحضارات، تحدث السفير عن بعض المخاوف المتعلقة بالاقتصاد العالمي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولكن، تكمن الأهمية هنا في نجاح عملية الخروج ذاتها.
ويبني كاسون تفاؤله على ملاحظتين رئيسيتين عن بريطانيا، وهما، أن لديها أساس قوي فيما يتعلق بالشبكات الدولية المتاحة لها، وأن اقتصادها قد أثبت قوته في السنوات الأخيرة. وألقى الضوء على أنه من مصلحة جميع الدول أن تنجح بريطانيا اقتصادياً بعد عملية الخروج.
ومع استعداد بريطانيا لترك الاتحاد الأوروبي، أكد كاسون على أنها ستظل دولة أوروبية بكل معاني الكلمة، قائلاً "نحن أوروبيون تاريخياً، وثقافياً، ودينياً، واقتصادياً، وجغرافياً. نحن نود أن نرى الاتحاد الأوروبي ناجحاً لأنه جار قريب وشريك لنا."
وتشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لحظة كاشفة عن وجود ضعف بهياكلها السياسية والاقتصادية. ومع ذلك، ستكون الآثار المباشرة لذلك على مصر قليلة ومحصورة وفقاً لتوقعات كاسون.
وفيما يتعلق بمصر، فقد أشار إلى المرونة والعمق والعمر الطويل الذين تتسم بهم مؤسسات الدولة إذ تعتبر جميعها مزايا ستساهم في عملية إصلاح البلاد. أما العنصر الوحيد الذي يحتاج إلى أن يؤخذ في الاعتبار هو الوصول إلى اتفاقية ثنائية جديدة تحل محل الاتفاقية الخاصة بتعريفة التجارة الحرة للصادرات الزراعية والصناعية. وأوضح كاسون أن بريطانيا لا تزال تلتزم بدعم مصر في عمليه تجديدها وذلك فيما يتعلق بالاقتصاد، والأمن، والحوكمة الديمقراطية. كما يرى أيضاً أن هذه اللحظة تعتبر فرصة سانحة لمصر كي تكون لها المبادرة في تشكيل نموذج جديد للدولة القومية.
ختم كاسون لقائه بملاحظات واثقة وواعدة بأن خروج بريطانيا يعد فرصة سانحة لها كي تعيد تأكيد نفسها كدولة منفتحة ودولية. فمع قيامها بإعادة تعريف نفسها كدولة قومية، ستنفتح الأبواب لتقوية علاقاتها مع الدول الأخرى، بخلاف الدول الثمانية والعشرين الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، فضلاً عن قيام بريطانيا بمساندة مصر بشكل أكبر على وجه الخصوص.