خريجة وطالبة الدراسات العليا بالجامعة تفوز بالجائزة الأولى في مسابقة العمارة لليونسكو
حصلت هبة الصاوي، خريجة الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2017 تخصص هندسة العمارة وتخصص فرعي في علم الإنسان، على المركز الأول في مسابقة للتصميم المعماري المسئول للطلابUNESCO-UIA & MIDO Student Design Prize for Responsible Architecture التابعة لمنظمة اليونسكو والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين، وذلك لمشروعها عن منطقة منشية ناصر بالقاهرة بعنوان " Anthro-Architecture: The Mountains of Mansheyat Nasser ".
أظهر مشروع الصاوي الجوانب الاجتماعية والإنسانية المعمارية لحي جامعي القمامة بمنطقة منشية ناصر التي تقع بالقرب من هضبة المقطم. متحدية الأفكار المقولبة وبالبحث في الفروق البسيطة لهذا الحي، ركزت الصاوي على انسيابية منطقة منشية ناصر، فضلاً عن التفاعل بين سكان المنطقة، والعمارة غير المكتملة، والقمامة. وقد أثنى الحكام على مشروعها لأصالة الفكرة من حيث اختيار المكان والبرنامج والتصميم، والبعدين الفني والعاطفي."
تقول الصاوي "تتكون القمامة هنا من القصص المنبوذة للمدينة." جدير بالذكر أن الصاوي حصلت على جائزتها بالمؤتمر العالمي والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين في مدينة سول بكوريا الجنوبية، وهي حالياً تدرس للحصول على الماجستير في علم الإنسان من الجامعة. تضيف الصاوي "إن القمامة تتحرك في منطقة منشية ناصر بشكل انسيابي للغاية. فالقمامة هي طاقة من المدينة. هناك قصص منبوذة تمتصها هذه المنطقة. إن الارتجال في بناء المنازل الموجودة بالمنطقة ليس أمراً عشوائياً، ولكنه يوجِد نظاماً ويمتد إلى فروع عديدة في شبكة المؤثرات المركبة."
ويختلف منظور الصاوي عن حي جامعي القمامة وسكانه عما تقدمه وسائل الإعلام عنهم. توضح الصاوي أن وسائل الإعلام تقدم نموذجين متباينين لهذا المجتمع: الأول، أن سكان هذا الحي هم جامعي قمامة يعيشون بين أكوام من القمامة، والثاني، أنهم أُناس فقراء لكنهم كادحون ويتسمون بالشجاعة ويقومون بالعمل الذي لا يرغب آخرين في القيام به.
إن مشروع الصاوي يتحدى هذه الأفكار المقولبة، قائلة "سئمت من الهيمنة المرتبطة بإجراء تصميمات للمجتمع. هناك حديث يجد أن هذا المجتمع هو طبقة دنيا متجانسة وذات أفكار مقولبة تحتاج دوماً للتنمية والتمكين."
وأثناء إعداد مشروعها، اكتشفت الصاوي الفروق البسيطة لهذه المنطقة، موضحة "تعلمت عن مفهوم الانسيابية وأن احتواءها هو بمثابة إدراك الإمكانات الكاملة للمرء. فعبر إدراك انسيابيتنا، نحن نذكر أنفسنا بارتباطنا ببعضنا بعض، ونقوم بممارسة نمط خامل من المقاومة."
تمحور مشروع الصاوي حول نظرية شبكة المؤثرات والتي تدرس العوامل غير الاجتماعية من أجل فهم أفضل للمواقف الاجتماعية. فقد ساعدت هذه النظرية في تكوين منظور الصاوي حول تأثير الثقافة على العمارة، وكيف تتأثر الديناميكيات الاجتماعية والثقافية بالأغراض والأفكار والقوى الأخرى. تقول الصاوي "أعتقد أن كل هذا مرتبط ببعضه، فهو ليس مرتبطاً بالعمارة الخاصة بمدينة القاهرة فحسب، وإنما مرتبطاً بالعمارة بوجه عام وذلك لأن العمارة هي ثقافة في سياقها. لا يمكن احتكار الثقافة أو السياق من قبل مجال واحد. فالعمارة هي مظهر ملموس وغير ملموس للثقافة."
تؤكد الصاوي أن انعدام الانسيابية في منظوراتنا قد يؤدي إلى خلق تركيبات وتصنيفات جامدة تقلل من شأن تعقيدات نظرية شبكة المؤثرات الخاصة بمنشية ناصر، وتاريخها، وعوالمها، وديناميكياتها التي تصور وتشكل الحقائق والقصص. تقول الصاوي "عند وضع التصميم المعماري لمثل هذا الموقع الفريد، بشبكة المؤثرات الفريدة الخاصة به، فإن القوة الدافعة وراء أي تدخل فيه، هذا إن حدث ذلك، يجب أن تكون الانسيابية."
تُكرم جائزة التصميم للعمارة المسئولة مشروعات الطلاب التي تلخص الخطة الحضرية الجديدة التي اعتمدت في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالإسكان والتنمية الحضرية المستدامة (الموئل الثالث) Habitat III’s New Urban Agenda of 2016، والتي تنص على "نلـتزم بتنميــة حضرية وريفيــة تتمحــور حــول الإنســان، كمـا نلـتزم بإعمـال جميـع حقـوق الإنسـان والحريـات الأساسية، وإنهاء جميع أشكال التمييز والعنف، والتمكين لجميع الأفـراد والمجتمعـات المحليـة، مـع إتاحـة الفرصـة لهـا للمشـاركة مشـاركة تامـة ومجدية."
في مشروعها، أعدت الصاوي تصميم موقع للمجتمع في بيئة حضرية تتماشى مع مبادئ الخطة الحضرية الجديدة، والتي أتاحت لها الفرصة لتعلم الكثير عن دورها ومسئوليتها كمهندسة معمارية عن طريق "التعاون مع المجتمع الذي يبني ويشيد لنفسه."
تذكر الصاوي "تعلمت أن الهندسة المعمارية ليست مشروعاً لتعزيز الذات وإنما لكي تصبح جديراً، وأن تكون مستمعاً جيداً، وأن تضع الأساس لشيء يكبر وينمو. فحينما يقوم المرء بإعداد تصميم، يجب عليه أن يستكشف وجوده عبر صناعة مكان ما."
أثنى أساتذة الصاوي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والذين قدموا لها النصح فيما يتعلق بالعمل الميداني والمنظور المعماري، على منهاجها الاستقصائي. يقول عمرو عبد القوي، أستاذ الممارسة بقسم العمارة وأحد الأساتذة المشرفين عليها، "إن الصاوي تنتقد نفسها وتتساءل كثيراً فيما يتعلق بقراراتها وإجاباتها. إن مفتاح نجاحها هو الاستماع لنفسها وشجاعتها والقيام بما تود القيام به بطريقتها الخاصة."
أثناء إعداد المشروع، أثارت الصاوي العديد من التساؤلات حول الهندسة المعمارية، وكيف يتم تدريسها، وأهميتها بالنسبة إلى بعض المجتمعات مثل منشية ناصر. يقول عبد القوي "كان التجاوب الأمثل عليها هو دفعها مرة أخرى نحو مشكلة التصميم الموجودة بالفعل وعدم الابتعاد عن هدف تقديم مشروع تخرج في التصميم. ولكن، كانت على استعداد للمخاطرة، وكانت وظيفتنا تكمن في مساعدتها."
يذكر هشام جبر، أستاذ هندسة العمارة وأحد الأساتذة المشرفين عليها، "أرادت أن تنغمس في عملية تفكير ذاتية وأن تجعل التصميم يولد نفسه بعد رؤية القيود والمتطلبات اللازمة. وقد قامت بذلك بكفاءة ومهارة أعجبت أعضاء لجنة الفحص المحلية والمدعوة. إن الفوز بمسابقة للتصميم المعماري يعد صعباً للغاية سواءً كانت مسابقة محلية أو قومية أو دولية. وأنا أعتقد أن فوزها سيلهم الكثيرين لتقديم أبحاثهم في المجال."
وتتفق في الرأي مع جبر، هناء سبع، أستاذ علم الإنسان وأحد الأساتذة المشرفين عليها، "تمكنت هبة من الكشف عن العلاقة بين ما هو جوهري وغير جوهري، وتحويل ذلك إلى كلمات ونصوص وخرائط وتصوير مرئي لما قد تكون عليه الأماكن والناس والأشياء بطرق بديلة."