الجامعة الأمريكية بالقاهرة تقدم برنامج تعليم عن بعد عن قانون حقوق النشر تطلقه جامعة هارفرد
تمنح الجامعة الأمريكية بالقاهرة الفرصة لطلاب الجامعة للتفاعل والتعاون مع أساتذة ونظراء لهم من جميع أنحاء العالم عبر الإنترنت وذلك من خلال برنامج CopyrightX، وهو برنامج دراسي مبتكر حول قانون حقوق النشر بالولايات المتحدة الأمريكية والتي قامت جامعة هارفرد بتصميمه. تقوم نجلاء رزق، المدير المؤسس لمركز إتاحة المعرفة من أجل التنمية بكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بتدريس برنامج CopyrightX للمرة الثانية في فصل الخريف الحالي.قام ويليام فيشر، أستاذ كلية الحقوق بجامعة هارفرد، بتصميم هذا البرنامج الذي تقدمه وتدعمه مبادرة هارفرد للتعلم عن بعد HarvardX distance-learning initiative ومركز بيركمان للإنترنت والمجتمع التابع لجامعة هارفرد. يتكون مجتمع CopyrightX من طلاب ومساعدي تدريس جامعة هارفرد، وشبكة من الجامعات المنتسبة والدارسين المستقلين حول العالم. ويشمل CopyrightX على ثلاثة أنواع من البرامج: الأول يقوم فيشر بتدريسه لطلاب هارفرد بالولايات المتحدة الأمريكية، والثانية برامج تُقدم عبر الإنترنت، ويدرسها مساعدو التدريس بهارفرد (وهم طلاب في السنة الثانية أو الثالثة من كلية الحقوق) إلى جانب طلاب آخرين من جميع أنحاء العالم، و الثالثة برامج الانتساب، والتي يدرسها أساتذة بجامعات خارج الولايات المتحدة الأمريكية، منها الجامعة الأمريكية بالقاهرة للطلاب هنا.
يتعرض الطلاب لبيئة متعددة الثقافات، حيث أنهم يدرسون مع مشاركين من سائر بلدان العالم. تقول رزق، "حينما يتبادر لذهن الطلاب أية أسئلة، يمكنهم طرحها داخل المنتديات لمشاركتها مع آخرين ومقارنة القوانين المختلفة من دولة لأخرى."
يعد البرنامج الذي يُدرَّس عبر الإنترنت مجاني بالكامل، حيث يتضمن جميع المواد الخاصة بهذا البرنامج، ولا يشترط أن يكون المشتركون به من طلاب الجامعات. في الواقع، تم تصميم البرنامج لمن هم فوق سن 13 عام، ويتحدثون اللغة الإنجليزية، ولديهم رغبة قوية في التعلم. ولا يشترط أن يكون لدى هؤلاء المشاركين أي خلفية قانونية. يتم اختيار عدد 500 مشارك من بين جميع المتقدمين من خلفيات وأعمار ومهن مختلفة.
قامت نغم الحسامي، والتي ساعدت رزق في البرنامج في الربيع الماضي، بدراسة برنامج CopyrightX عبر الإنترنت أثناء دراسة برنامج زمالة في جامعة كيب تاون. تقول الحسامي، "أعجبتني طريقة التعليم للغاية لأن كل مشارك يضفي طابعه الخاص عليها، ولم تتكرر المناقشات بيننا مطلقاً. ولأن برنامج CopyrightX يتاح لمجتمع واسع من الأفراد، فقد يضم الفنان، والمدرس، أومن يدرسه لمحتواه الممتع والمثير للاهتمام. فكل شخص يفكر بطريقة مختلفة بحسب خلفيته الثقافية، وبالتالي فهو كمشارك يضفي شيئاً مختلفاً وفقاً لاهتماماته."
أسست تلك المجموعة من الطلاب ذوي الخلفيات المتعددة مجتمع قوي يتلقى المحاضرات والمناقشات الافتراضية ويتحاور عبر الإنترنت في آن واحد. يقوم الطلاب من خلال البرنامج بمشاهدة محاضرات فيشر المسجلة مسبقاً، ويقومون بقراءة الدرس التالي قبل حضور الفصل. ثم تقوم رزق بفتح باب المناقشة لبعض دراسات الحالة حول قانون حقوق النشر الأمريكي، بالإضافة إلى التطرق والبحث في القانون المصري.
بالرغم من أن أساس الدراسة هو قانون حقوق النشر الأمريكي، إلا أن رزق قامت بتعديل المنهج الدراسي ليركز على قانون حقوق النشر المصري وذلك من خلال عرض أمثلة تتيح للطلاب الفرصة للمقارنة بين النظامين. تقول رزق، "أقوم إعداد المنهج الدراسي من خلال اختيار قراءات تتعلق بمصر ومطالبة الطلاب بدراسة الحالات الخاصة بها."
استعانت رزق ببعض الحالات الحقيقية التي لجأ فيها الأطراف المعنيين إلى القضاء المصري مثل حالات تضمنت استخدام موسيقى شعبية، ومسرحيات، واستخدام أم كلثوم للشعر في غنائها. توضح رزق "نحن لا نناقش محتوى القانون بصورة مباشرة من خلال هذه الحالات، وإنما نمعن النظر في بعض المواقف التي تقرب المعنى أكثر إلى الطلاب كواقع حقيقي."
قام الطلاب، تحت إشراف رزق، بالتدقيق في تلك الحالات المعاصرة، و تقول رزق "في بعض الأحيان، يأتي الطلاب بأمثلة أخرى، ويطرحون الكثير من الأسئلة، فقد كان هؤلاء الطلاب رائعون ومحفزون للعمل."
من أجل إعداد برنامج CopyrightX ليتناسب مع الطلاب المصريين، عكفت رزق على البحث وتنظيم جميع حالات الدراسة المستخدمة في الفصل الدراسي بما يناسبهم. توضح رزق "يصعب للغاية إيجاد مواد منشورة عن تلك القضايا باللغة الإنجليزية. يمكنك إيجاد القوانين النظرية، ولكن لا يتم توثيق كل الحالات التي تطبق بالفعل. إن مرحلة جمع تلك المواد وجعلها جاذبة وشيقة للطلاب تحدياً كبيراً."
توضح رزق أن إحدى السمات الفريدة التي يتمتع بها قانون حقوق النشر المصري هي مراعاة الحقوق الأخلاقية أو الحقوق الشخصية للمبتكر أو المؤلف وحماية سمعته وعمله. فقد أثيرت مؤخراً قضية شهيرة حول استخدام لحن أغنية للفنان الراحل عبد الحليم حافظ من قبل مطرب الراب الأمريكي جاي زي. قد يكون جاي زي قد حصل على ترخيص لاستخدامها، ولكن نشأ الجدل هنا نتيجة لاستخدام لحن الأغنية كعينة وليس في شكلها الأصلي. وبالتالي، فقد لجات أسرة ملحن الأغنية، بليغ حمدي، إلى القضاء الأمريكي لمقاضاة المطرب الأمريكي على أساس قيامه بتشويه الأغنية وعدم التزامه بالحقوق الأخلاقية. تعتبر مسألة الحقوق الأخلاقية في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر تراخياً عن أماكن أخرى، ولكن قرر القاضي في تلك القضية الاستناد إلى الحقوق الأخلاقية التي ينفرد بها القانون المصري، ولا زال الفصل في هذه القضية جارياً. تذكر رزق أن تناول هذه القضية لم يثر اهتمام الطلاب فحسب، وإنما نظروا لها كمثال واضح لتصادم قوانين حقوق النشر الأمريكي والمصري مع بعضهما البعض.
جدير بالذكر أن ماريان خوري، منتجة الأفلام المصرية الشهيرة، قامت بزيارة الفصل الدراسي لرزق في الربيع الماضي. وقد تم تسجيل المحاضرة وتحميلها ووضعها على الإنترنت لكي يشاهدها طلاب ومساعدي التدريس وأساتذة برنامج CopyrightX للاطلاع على آليات قانون حقوق النشر المصري فيما يتعلق بمجال صناعة الموسيقى والسينما المصرية.
كما تم إعداد المادة الدراسية أيضاً لتناسب طلاب قسم الاقتصاد حيث يقومون بدراسته كمادة ذات طابع خاص. تقول تاتوم ليندزي، متدربة سابقة في برنامج CopyrightX بمركز بيركمان للإنترنت والمجتمع التابع لجامعة هارفرد ومنتجة البرنامج بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن البرنامج بالجامعة ينفرد بطابعه الاقتصادي عن سواه. توضح ليندزي "يعتبر ما يميز هذا البرنامج قيامنا، نحن، كمجموعة من الاقتصاديين بتدريس برنامج دراسي حول قانون حقوق النشر لطلاب بكلية إدارة الأعمال. إن الطلاب ملتزمون للغاية ولديهم حافز للتعلم والمعرفة، وتساعدهم النكهة الاقتصادية للبرنامج في توضيح آثار قوانين حقوق النشر في كل من الولايات المتحدة الأمريكية ومصر."
جدير بالذكر أن رزق لا تقوم بتصميم المواد الخاصة لبرنامج CopyrightX القادمة فحسب، وإنما تقوم بتعليم مجتمع دولي حول الفروق الدقيقة في قانون حقوق النشر والثقافة المصرية. وتثير رزق وطلابها الكثير من المناقشات في المنتدى عبر الإنترنت، والذي يعد جزء هام من البرنامج ويتاح لجميع الطلاب من جامعة هارفرد، والثمانية عشر جامعة المنتسبة، والطلاب الدارسين عبر الإنترنت. تقول الحسامي "يشارك الطلاب بآرائهم حول ما تعلموه وعن الوضع هنا في مصر لأن الآخرين، من دول أخرى، سيتعلمون الكثير عنا."
وتؤكد ليندزي على ذلك، قائلة "لقد تكيف الطلاب بصورة جيدة مع المادة، وأثاروا الكثير من المناقشات والجدل الذي آثار إعجاب الفريق بأكمله."