طالبة دكتوراه بالجامعة الأمريكية بالقاهرة تسعى لإيجاد طرق جديدة لتشخيص مرض سرطان الكبد
تسعى لبنى مراد، خريجة الجامعة الأمريكية بالقاهرة في عامي 2007 و2011، والتي تدرس لنيل درجة الدكتوراة ببرنامج التكنولوجيا الحيوية بالجامعة حاليا، لإيجاد طرق جديدة لتشخيص مرض سرطان الكبد عن طريق الكشف عنه في المراحل الأولى من الإصابة به مع تقليل آلام الاختبارات التقليدية التي يعاني منها المريض. تقول مراد، "كلنا سمعنا عبارة لا ربح أو نتيجة بدون ألم. وبالرغم من ذلك، أحاول في رسالتي العلمية، إثبات أن هذه العبارة ليست صحيحة في كل الأحوال." جدير بالذكر أن مراد فازت في مسابقة "أطروحة في 3 دقائق" أو Three Minute Thesis (3MT) التي أُقيمت بالجامعة الأمريكية بالقاهرة مؤخرا من خلال تقديم رسالتها العلمية الفائزة. توضح مراد "آمل أن أتمكن من استخدام هذه الجزيئات الصغيرة، المسماة جزيئات الحمض النووي الريبي الميكروية أو الرنا الميكروية MicroRNAs أو miRNAs والتي تسري في الدم والتي يطلق عليها العلماء اسم العقل المدبر للجينوم أو مجموع التركيب الجيني لأن لديها قدرة هائلة على التحكم في الجينات والجينوم الخاصة بنا." توضح مراد أنه نتيجة لقيام سرطان الكبد بتغيير مستوى الرنا الميكروية في الدم، يمكن استخدام الجزئيات في الكشف عن هذا المرض. "تتواجد الرنا الميكروية في الدم وفي الكبد أيضاَ، ويختلف مستوى الرنا الميكروية حسب إصابة شخص ما بمرض في الكبد من عدمه. وبالتالي، إذا تم قياس الرنا الميكروية الموجودة بالكبد وتم مقارنتها بالمستويات الطبيعية، سنتمكن من استخدامها عند التشخيص أو الكشف المبكر لسرطان الكبد."
تعتقد مراد أنه يمكن استخدام اختبارات الدم البسيطة هذه بدلا من الاختبارات التقليدية مثل أخذ عينة من الكبد لتحليلها، قائلة "تكمن الفكرة وراء "بدون ألم" في أن مثل هذا الاختبار البسيط سيوفر على المريض مشقة أخذ عينة من الكبد من أجل التأكد من إصابته بسرطان الكبد." تضيف مراد أن اختبارات الدم تقلل من الخطورة والآلام التي تسببها عملية أخذ العينة مع إتاحة الفرصة للكشف المبكر عن سرطان الكبد.
يعتبر هذا البحث هام بالنسبة لمصر بوجه خاص، حيث يعد معدل الإصابة بمرض التهاب الكبد الوبائي في مصر الأعلى على مستوى العالم، وهو المرض الذي يرتبط بشكل وثيق بسرطان الكبد. تشير مراد "يعتبر شخص واحد من بين كل عشرة أشخاص في مصر مصاب بمرض التهاب الكبد الوبائي. لقد أثر هذا المرض على كل أسرة مصرية تقريباً، ويعد أحد الأعراض الجانبية له تطور الحالة إلى الإصابة بسرطان الكبد."
جدير بالذكر أنها ليست المرة الولى التي تفوز مراد بها في المسابقة، حيث فازت في مسابقة "أطروحة في 3 دقائق" سابقاً والتي أُقيمت بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في مارس 2015.
بدأت مسابقة أطروحة في 3 دقائق في الأصل بمبادرة من جامعة كوينزلاند في أستراليا عام 2008، وهي مسابقة بحثية دولية لطلاب الدراسات العليا في جميع أنحاء العالم. يُطلب من المتسابقين شرح بحثهم وحجتهم وسبب أهميته في مدة 3 دقائق أمام مجموعة من الحكام وبأسلوب يفهمه جمهور غير متخصص في المجال المعني. ويختار الحكام فائزين في المركزين الأول والثاني، كما يقوم الجمهور بدوره باختيار فائز. ويتم وضع العرض الفائز على الموقع الرسمي للمسابقة التابع لجامعة كوينزلاند. بدأت مسابقة أطروحة في 3 دقائق عام 2008، واليوم، أصبحت تُقام في أكثر من 170 جامعة في 18 دولة حول العالم. وقد أُقيمت المسابقة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة لأول مرة في العام الماضي، والتي نظمها برنامج الدكتوراة بكلية العلوم والهندسة.
تقول آمال عيسوي، أستاذ الهندسة الميكانيكية والعميد المشارك للدراسات العليا والأبحاث بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، "استخدمت لبنى الثلاث دقائق الخاصة بها وشريحة عرض ثابتة لشرح أهمية بحثها بشكل فعال للغاية، ونجحت في جذب اهتمام الحكام والجمهور."
بالنسبة إلى مراد، إن إتاحة العلوم للجميع أصبح أمراً هاماً للغاية، قائلة "إن العلوم مدهشة ومذهلة، وتعد الأبحاث التي تُجرى حول العالم الآن أكثر مما حلمنا أو تخيلنا. ومع ذلك، قد يكون لدى تلك الأبحاث طابعاً تقنياً أو قد يصعب فهمها من قبل الجمهور. لذلك، فإن تبسيط جوهر الأبحاث التي نجريها يعتبر حتمي لإطلاع الجمهور على التكنولوجيات الجديدة والاكتشافات الحديثة."
فمن خلال مشاركة بحثها، تأمل مراد أن تساهم في مكافحة مرض السرطان، قائلة "يهمني كثيراً أن يكون الناس على علم ببحثي لأنه يفتح الباب لإحداث المزيد من التقدم في مجال تشخيص مرض سرطان الكبد. فقد تسبب هذا المرض في شعور الملايين من الأشخاص حول العالم بالكثير من الآلام."
ومنذ انتهاء المسابقة، تعكف مراد على العمل على الجزء المعملي من بحثها. كما قامت بتقديم بحثها في برلين وباريس.
وبخلاف بحثها، تآمل مراد أن تلهم الآخرين وتحثهم على الاهتمام بالعلوم والأبحاث. تقول مراد "آمل، من خلال شرح وتوضيح بحثي والنتائج المترتبة عليه، أن أشجع وأحفز علماء المستقبل من الشباب للقيام بمثل ما أقوم به، مثلما يحفزني أساتذتي."