أستاذ الجامعة الأمريكية بالقاهرة ماكي حبيب: الروبوتات تعجل من جهود إزالة الألغام
يعمل الدكتور ماكي حبيب، أستاذ الهندسة الميكانيكية ومدير برنامج الدراسات العليا في الروبوتات والتحكم والنظم الذكية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، منذ أربع سنوات كعضو المجلس الاستشاري وباحث في مشروع TIRAMISU الأوروبي الذي يعمل على دمج تقنيات مختلفة لبناء مجموعة من الأدوات الأساسية المطلوبة لإزالة الألغام في جميع أنحاء العالم. تشكل الألغام الأرضية والمتفجرات الناتجة عن مخلفات الحرب تهديدا ليس لمصر فحسب، ولكن لأكثر من 80 بلدا في جميع أنحاء العالم. يقول الدكتور حبيب، الذي أسس تخصص الميكاترونيك كجزء من برنامج الهندسة الميكانيكية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، "إن الألغام الأرضية من الأسلحة المعروفة، فهي فعالة جدا، ورخيصة جدا، وسهلة الزرع." ويوضح حبيب، "إن المشروع يهدف إلى توفير الأدوات الأساسية العالمية التي من شأنها أن تغطي الأنشطة الرئيسية للأمم المتحدة الخاصة بإزالة الألغام، والتي تتنوع من مسح مناطق واسعة إلى التخلص الفعلي من أخطار المتفجرات، بما في ذلك تعليم المخاطر الناتجة عن الألغام".ويضيف حبيب إن الأدوات التي ينتجها المشروع توفر للجهات الفاعلة لمكافحة الألغام مجموعة كبيرة من الأدوات، مقسمة إلى وحدات موضوعية، مما يساعدهم على أداء وظائفهم بشكل أفضل. وقد تم تصميم هذه الأدوات بمساعدة المستخدمين النهائيين والتصديق عليها من قبلهم في البلدان المتأثرة بالألغام."
طبقاً لحبيب فأن أحد هذه الأدوات هي استخدام الروبوتات لإزالة الألغام. "إن استخدام الروبوتات يسرع عملية إزالة الألغام ويجنب خبراء إزالة الألغام من الاتصال الجسدي المباشر مع الألغام." ويشير حبيب أن الساحل الشمالي بمصر ملئ بالألغام منذ الحرب العالمية الثانية نتيجة القتال الذي دار بين ألمانيا وبريطانيا في هذه المنطقة، ولكنه يعد منطقة جيدة للتنمية. يرجع حبيب سبب تأخر هذه التنمية إلى وجود الألغام الأرضية القديمة وغير المتطورة والتي لا تزال في المنطقة. كما يشير أن تغير مستويات الرمال يؤدي إلى أن يتم دفع الألغام بشكل أعمق وأعمق تحت الأرض.
جدير بالذكر أن حبيب أحرز تقدماً كبيرا في مجال روبوتات إزالة الألغام. يقول حبيب، "معظم البلدان التي تعاني من الألغام الأرضية فقيرة، ولا تملك الدراية الفنية العالية. تمثل الروبوتات خفيفة الوزن والمحمولة نوع من التكنولوجيا التي تتيح للعملاء استخدامها بسهولة، بينما في الوقت نفسه تضع في الاعتبار استخدام الموارد المحلية في تطويرها. ساعد عمل حبيب في مجال الروبوتات ليس فقط في إزالة الألغام ولكن أيضا في مساعدة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
إن الروبوت الأول الذي قام حبيب بتطويره لإزالة الألغام هو روبوت متعدد الأوضاع، ومحمول ومنخفض التكلفة، PEMEX-B، بعجلات دراجة جبلية يمكن تكييفها باستخدام المواد المحلية مثل الخيزران أو أية موارد محلية ملائمة.
يقول حبيب أن في الكثير من البلدان المتقدمة، يقوم الباحثون بتطوير تكنولوجيا باهظة الثمن ولكنها لا تعمل بالضرورة على النحو المطلوب، كما أن أي أضرار طفيفة لهذه الروبوتات تؤثر على فعالياتها ويعد الحفاظ عليها أمر صعب مما يؤدي إلى فقدان الكثير من الأموال. "لذا من الهام أن يتم استخدام مواد غير مكلفة ومحلية وفي الوقت نفسه يتم حماية الاستشعار بشكل صحيح ومكونات صنع القرار."
يضيف حبيب، "بالإضافة إلى استخدام الموارد المحلية، يجب أن تكون الروبوتات ذكية ولديها آلية مرنة. يجب أن تكونا قادرة على التعلم من الخبرة، ويجب أن يتم السيطرة على تحركاتها، وأن يكون بها أجهزة استشعار لضمان السلامة. إن أجهزة الاستشعار هي أكثر الأدوات فعالية في دعم الروبوتات في عملية إزالة الألغام."
يوضح حبيب أنه يجب أن تكون لدى روبوتات إزالة الألغام أيضا القدرة على التحرك في الأراضي الموحلة والرملية، سواء كانت منطقة صخرية أو عشبية، أو حتى غابة. لهذا الغرض، وضع حبيب أنظمة ملاحة مزودة بتقنيات لتجنب العقبات التي قد تعرقل مساره ولمساعدته على الانتقال إلى بحث فعال في المنطقة الملغومة وضمان تغطية المنطقة وإيصال المعلومات اللازمة على النحو المطلوب. كما وضع حبيب نظاما متعددا للروبوتات غير المتجانسة التي تمكن الروبوتات المختلفة من التنسيق والتعاون في التنقل بداخل المناطق الملغومة والبحث، ووضع العلامات ورسم خرائط حقول الألغام الواسعة.
بما أنه لا توجد حاليا بلدا واحدا من البلاد التي يوجد بها ألغام أرضية تم إعلانها خالية من الألغام، فإن حبيب مازال يعمل على بناء قاعدة بيانات عالمية للتكنولوجيا في مجال مكافحة الألغام المدمرة. يقول حبيب، "إن الأدوات التي يتم تنفيذها تمثل خطوة إلى الأمام في تشكيل حل موحد وشامل لتطهير مناطق واسعة من أخطار المتفجرات."
كما أوضح حبيب إن إزالة الألغام هي خطوة أولى حاسمة لإعادة إعمار البلدان التي مرت بصراعات. ويعد الهدف الأساسي من إزالة الألغام هو التطهير الكلي للأراضي من كل أنواع الألغام والذخائر غير المتفجرة بعد.
لا تزال هناك عدد من الصعوبات التي تواجه عملية إزالة الألغام. أولا، معظم الدول التي تعاني من الألغام الأرضية التي تعود إلى الحرب العالمية الأولى، لا تملك البنية التحتية الاقتصادية أو الخدمات اللوجستية لتنظيم إزالة هذه الألغام.
كما يجب أن تراعي تكنولوجيا إزالة الألغام أيضا مشاكل الاستشعار على حد قول حبيب، لأنه من المرجح أن تكون هناك شظايا من المواد المنفجرة تحت الأرض. يقول حبيب، "تسبب هذه البقايا مشاكل في أجهزة الكشف عن المعادن الأساسية، لأنها تظهر الشظايا المعدنية في شكل ألغام. لم نتطرق بعد إلى مسألة الأنواع الأخرى من الألغام، على سبيل المثال تلك المغلفة بالبلاستيك أو بغلاف خشبي والتي تحتوي على مشغلات على شكل قطع صغيرة جدا من المعدن."
يقول حبيب، "نواجه تحديات أخرى وهي إمكانية العثور على الألغام الأرضية فعليا في أي مكان، على شاطئ البحر، في الأراضي الزراعية، تحت شوارع المدن العادية، في المناطق السكنية وفي الصحراء، مما يجعلنا نتساءل عن نوع التكنولوجيا الذي من الممكن أن يتعامل مع كل هذه الأماكن المختلفة، ولكن لا يوجد حلا واحدا. لذلك يدعو العديد من المشاركين في الأعمال المتعلقة بالألغام في الأمم المتحدة لتطوير الأدوات العالمية الأساسية التي يمكن اختيار أدوات تناسب كل حالة بشكل خاص."